٢. إذا تجاوزنا شروح المقدمة الجزرية التي تضخمت بسبب النقل لأقوال السابقين، وبسبب المناقشات اللفظية واللغوية لأبيات المقدمة، فإن السمة الغالبة على مؤلفات هذه الحقبة هي الاختصار والإيجاز، والميل إلى كتابة المنظومات، التي لا تسمح بالتفصيل والبيان لمسائل العلم وقضاياه، ويبدو لي أن التلقين الشفهي والتلقي من الشيوخ قد حفظ لقراءة القرآن سماتها النطقية المنقولة، بالإضافة إلى ما كان يحفظه الطالب من متون التجويد وشروحها.
المبحث الثاني
علم التجويد في المؤلفات الحديثة
ليس هناك تاريخ محدد يفصل بين العصر القديم والعصر الحديث، وقد تتعدد وجهات النظر في الأحداث والتواريخ التي يمكن أن تكون فاصلة بين العصرين، كما أن التحديث في بعض البلدان العربية والإسلامية كان أسبق من بلدان أُخرى، ولا أجد ضرورة هنا للدخول في الجدل حول هذا الموضوع، ولكني أُشير إلى أنني أَعُدُّ كتاب الشيخ محمد مكي نصر ( نهاية القول المفيد ) الذي أكمل تأليفه سنة (١٣٠٥هـ) نهاية للمنهج القديم في التأليف في علوم التجويد، ويمكن أن نعد كتاب (خلاصة العجالة في بيان مراد الرسالة ) لحسن بن إسماعيل الدركزلي الحبَّار الموصلي(ت ١٣٢٧هـ)كذلك (١)، ومن ثم يمكن أن نعد المؤلفات التي كتبت بعد هذه الحقبة تمثل مرحلة جديدة في مؤلفات هذا العلم، وهي التي سأتحدث عن ملامحها في هذه العجالة.
ومن أبرز ملامح هذه الحقبة كثرة المؤلفات في علم التجويد، وتعدد مناهجها، ووجدت الشيخ عبد الفتاح القاضي يقول سنة ١٤٠٠هـ (١٩٨٠م) في تقريظ كتاب ( الملخص المفيد في علم التجويد ) لمحمد أحمد معبد :" وإنَّ كتب التجويد في هذا العصر يُخْطِئُها العَدُّ ولا يأتي عليها الحصر، ما بين موجز ومسهب، ومختصر ومطول، وما بين منثور ومنظوم " (٢).
(٢) الملخص المفيد ص ٨