وأمكن سد الحاجة من المعلمين بالاستعانة بالقراء من الصحابة، فكان رسول الله - ﷺ - إذا دخل رجل في الإسلام قال لأصحابه :" فقهوا أخاكم في دينه، وأقرئوه وعلّموه القرآن ". (١) وقال عبادة بن الصامت، وكان أحد علماء الصحابة بالقرآن :" كان رسول الله – ﷺ – يُشْغَلُ، فإذا قدم رجل مهاجرٌ على رسول الله - ﷺ – دفعه إلى رجل منا يُعلّمه القرآن" (٢).
وكان - ﷺ – يدعو المتعلمين إلى أخذ القرآن من علماء القراءة من الصحابة، حيث قال :" خذوا القرآن من أربعة : من عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب " (٣). وقد كان لكل واحد من هؤلاء الأربعة دور في تعليم القرآن في عهد النبي - ﷺ – وبعده. (٤)
وأما الصعوبات التي اعترضت المتعلمين بسبب الاختلاف اللغوي، أو بسبب عوامل أخرى كالأمية أو صعوبة الحفظ، فإن النبي - ﷺ – لم يدع تلك العوائق تحول دون تعلم أصحابه القرآن، لكنه لم يحملهم على تعلم نطق قريش إذا عجزوا عن تحقيقه بكل خصائصه، بل رخّص لهم بقراءته بما يستطيعون، وقد عبَّر عن هذه الرخصة قوله – ﷺ - :" إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه ".
(٢) قال الساعاتي في الفتح الرباني (١٨/٩) : أخرجه أبو داود في سننه، وابن ماجه، والحاكم في المستدرك، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وأقره الذهبي
(٣) صحيح البخاري ( فتح الباري٩/٤٦)، وسنن الترمذي ٥/٦٣٢
(٤) ينظر : كتابي : محاضرات في علوم القرآن ص ١١٤ – ١١٥