ولم يكن أحدث كتابين في علم التجويد بمنأى من ذلك الخلل في تعريف المجهور والمهموس، فجاء في ( فن الترتيل) في تعريف المجهور بأنه :" انحباسُ جَرْيِ النَّفَس مع الحرف عند النطق به "، والمهموس بأنه :" جريان النَّفَس مع الحرف عند النطق به ساكناً " (١). وجاء في ( المنير) أن الجهر هو " انحباس النَّفَس عند النطق بالحرف لقوة الاعتماد على المخرج، أو : هو قوة التصويت بالحرف لقوة الاعتماد عليه في المخرج حتى مَنَعَ جريان النَّفس معه "، وأن الهمس :" جريان النَّفَس عند النطق بالحروف لضعف الاعتماد على المخرج " (٢). لكن الجديد في (المنير) هو الإشارة في الهامش إلى تعريف المجهور والمهموس عند المحدثين، ويبدو أن هذا التعريف لم يبلغ درجة اليقين لدى مؤلفي الكتاب فوضعوه في الهامش، ولو فعلوا عكس ذلك لكان دليلاً على تَمَثُّلِ حقائق علم الأصوات لديهم في كتابة علم التجويد.
إن تعريفات المجهور والمهموس في كتب علم التجويد الحديثة تشترك في أنها نقلت تعريف سيبويه لكنها لم تلتزم بنص عبارته التي تعرضت لتغييرات زادت من غموض التعريف واضطرا به، وأحسب أن المنهج العلمي يقتضي إعادة تعريف الصوت المجهور والصوت المهموس على نحو ما أكَّده علم الأصوات اللغوية المعاصر، وإعادة النظر في عدِّ كل من القاف والطاء والهمزة أصواتاً مجهورة، فليس من الإخلاص للعلم والنصح لطلبته الاستمرار في تلقينهم ما قام الدليل على عدم صحته.
(٣) الأحكام الصوتية الناشئة عن التركيب :

(١) فن الترتيل وعلومه ٢/٥٧٩
(٢) المنير في أحكام التجويد ص ١٢٧


الصفحة التالية
Icon