واقتبس معظم كتب التجويد الحديثة هذا التعريف (١)، كما جاء بهذه الصورة في ( فن الترتيل) (٢)، و (المنير) (٣)، ولا يخلو هذا التعريف من قصور في توضيح حقيقة الإخفاء، ولا يشير إلى ما ذكره عبد الوهاب القرطبي من اتصال النون المخفاة بمخارج الحروف التي تخفى عندها، وزوالها عن طرف اللسان، وخروج الصوت من الأنف.
ويمكن توضيح حقيقة الإخفاء من خلال النظر في طبيعة حركة أعضاء آلة النطق في إنتاج النون، فالنون لها مُعْتَمَدٌ في الفم، وهو بين طرف اللسان وأصول الثنايا، ولها مَجْرىً للنَّفَس في الخيشوم، والذي يحدث عند إخفاء النون هو زوال عمل طرف اللسان، وانتقال مكان الاعتماد للنون إلى مخرج الصوت الذي تخفى عنده، مع بقاء جريان النَّفَس من الأنف، وهو صوت الغنة، فيتحرك اللسان حركة واحدة للنون وللصوت الذي تخفى عنده، وبعد أن تستوفي النون حظها من الغنة يتوقف جريان النَّفَس من الأنف ويتحول إلى الفم للنطق بالصوت الآتي بعدها. وهذا هو معنى قول سيبويه :" كان أخف عليهم أن لا يستعملوا ألسنتهم إلا مرة واحدة " (٤). ويمكن إعادة صياغة تعريف الإخفاء - بناء على ذلك – بالقول :"هو انتقال معتمد اللسان في الفم إلى مخرج الصوت الذي تخفى عنده، مع بقاء جريان النفس من الأنف في أثناء النطق بها ".

(١) ينظر : أبحاث في علم التجويد ص ١٠٢- ١٠٣
(٢) فن الترتيل ٢/٧٥٧
(٣) المنير ص ٥٢
(٤) الكتاب ٤/٤٥٤


الصفحة التالية
Icon