ثم تتابعت المؤلفات في علم الأصوات على يد الجيل الثاني من علماء اللغة المحدثين في مصر، مثل الدكتور عبد الرحمن أيوب والدكتور كمال محمد بشر، والدكتور أحمد مختار عمر، والدكتور عبد الصبور شاهين، ثم ظهرت مؤلفات أُخرى في مصر وغيرها من بلدان العالم العربي، في قائمة طويلة لا يتسع المقام لذكرها (١).
ومن غير اليسير الحديث عن ملامح التراث الصوتي العربي الحديث وخصائصه في مثل هذه العجالة، فقد كثرت مؤلفاته، وتعددت اتجاهاته بتعدد مناهجه ومدارسه، ولكن بالإمكان أن أشير إلى بعض الملاحظات حول ذلك التراث مما له علاقة بما نحن بصدده من الحديث عن علاقة علم الأصوات بعلم التجويد، منها :
(١) كثير من كتب علم أصوات العربية الحديثة ينحو منحى الترجمة من كتب علم الأصوات الغربية، في الموضوعات، واستخدام المصطلحات.
(٢) انقطاع الصلة بين تلك الكتب ومصادر التراث الصوتي العربي القديمة، في أغلب الأحيان، وإذا كنا نجد إشارات إلى الخليل وسيبويه وابن جني، فإن علماء التجويد الكبار مثل مكي والداني وعبد الوهاب القرطبي لا ذكر لهم في تلك الكتب، مما حرم الدرس الصوتي العربي الحديث من المادة العلمية الجيدة في كتب هؤلاء العلماء وغيرهم.
(٣) عدم عناية مؤلفي كتب الأصوات ببحث الظواهر الصوتية في علم التجويد في ضوء ما أحرزه علم الأصوات من تقّدم في المناهج والوسائل، ولا شك في أن مثل هذه الدراسة تعزز ما توصل إليه علماء التجويد بملاحظاتهم الذاتية وتوضح ما يحتاج إلى توضيح.