ويمكن أن نلاحظ من خلال ذلك ضعف الوشائج بين علم التجويد وعلم الأصوات، وجفوة بين المشتغلين بهذين العلمين، على الرغم من أن جذورهما في التراث الصوتي العربي واحدة، وعلى الرغم من أن موضوعات العلمين واحدة، ومن ثم ينبغي العمل على تقريب الفجوة بينهما، وعلى المشتغلين بعلم التجويد دراسة علم الأصوات اللغوية دراسة جادة، والإفادة الفاعلة من حقائق هذا العلم في كتابه (قواعد التجويد )، ولا يكفي نقل بعض الأفكار أو نقل بعض الرسوم والأشكال، فلا بد من إعادة اللحمة بين العلمين كما تبدو في كتب الرواد الأوائل من كبار علماء التجويد.
ولعل من المفيد الإشارة إلى تجربتي المتواضعة في هذا المجال، فإنني بعد أن درست علم الأصوات على يد شيوخ هذا العلم في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، وجهت عنايتي إلى كتب علم التجويد، وبحثت في تاريخ هذا العلم، وحقّقت عدداً من كتبه، ثم كتبت رسالتي للدكتوراه في كلية الآداب بجامعة بغداد عن ( الدراسات الصوتية عند علماء التجويد ) وصارت لديَّ قناعة تامة بجدوى إعادة كتابة قواعد التجويد بالاستناد إلى حقائق علم الأصوات، وبإعادة كتابة علم الأصوات بالاستفادة من كتب علم التجويد، على الرغم من وجود بعض الموضوعات التي تجد عناية في أحد العلمين أكثر من العلم الآخر.
وحاولت تحقيق شي من ذلك، فكتبت أولاً كتاب ( علم التجويد : دراسة صوتية ميسرة ) وصدرت طبعته الأولى سنة ١٤٠٨ هـ = ١٩٨٨م، بمساعدة من جامعة بغداد، ثم كتبت بعد خمسة عشر عاماً من ذلك كتاب ( المدخل إلى علم أصوات العربية ) الذي نشره المجمع العراقي سنة ١٤٢٣هـ = ٢٠٠٢م.


الصفحة التالية
Icon