ولعل ابن قتيبة ( ت ٢٧٦هـ) هو أقدم من فعل ذلك، فقد قال في كتابه ( تأويل مشكل القرآن) :" وإنما تأويل قوله - ﷺ - :( نزل القرآن على سبعة أحرف ) : على سبعة أوجه من اللغات متفرقة في القرآن... وقد تدبرت وجوه الخلاف في القراءات فوجدتها سبعة أوجه... " (١).
وتابع ابنَ قتيبة في تفسير الأحرف على هذا النحو عددٌ كبير من علماء القراءات، من المتقدمين والمتأخرين (٢)، وهم قد يختلفون في بعض التفاصيل لكنهم متفقون على الأساس الذي قام عليه تفسيرهم للأحرف السبعة، وهو تقسيم وجوه القراءات على سبعة أقسام، لتكون بعدد الأحرف التي نزل عليها القرآن.
ولا شك في أن القراءات القرآنية ناتجة من رخصة الأحرف السبعة، وأن هذه الأحرف لا تجد تفسيرها إلا في تلك القراءات، لكن نقطة الضعف في هذا المذهب هي عدم وجود ما يؤكد قصد النبي - ﷺ – لهذه الوجوه التي يحمل عليها الحديث. قال أبو شامة المقدسي :" وهذه الطرق المذكورة في بيان وجوه السبعة الأحرف في هذه القراءات المشهورة كلها ضعيفة، إذ لا دليل على تعيين ما عينه كل واحد منهم، ومن الممكن تعيين ما لم يعينوا، ثم لم يحصل حصر جميع القراءات في ما ذكروه من الضوابط، فما الدليل على جعل ما ذكروه مما دخل في ضابطهم من جملة الأحرف السبعة دون ما لم يدخل في ضابطهم " (٣).
٢. الأحرف السبعة : سبع لغات :

(١) ص ٣٤- ٣٨
(٢) ينظر : أبو شامة : المرشد الوجيز ص ١١٣- ١٢٥، وابن الجزري : النشر ١/٢٦- ٢٨، ومحمد عبد العظيم الزر قاني : مناهل العرفان ١/١٢٨- ١٦٠
(٣) المرشد الوجيز ص ١٢٧


الصفحة التالية
Icon