كان أبو عبيد القاسم بن سلام ( ت ٢٢٤هـ) من أقدم من فَسَّرَ الحديث، وهو أول من حمله على اللغات، فقال في كتاب ( غريب الحديث) " : قوله : سبعة أحرف، يعني سبع لغات من لغات العرب، وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه، هذا ما لم نسمع به قط، لكن نقول : هذه اللغات متفرقة في القرآن، فبعضه نزل بلغة قريش، وبعضه بلغة هُذَيْل، وبعضه بلغة هوزان، وبعضه بلغة أهل اليمن، وكذلك سائر اللغات، ومعانيها في هذا كله واحدة، ومما يبين ذلك قول ابن مسعود : إني سمعت القَرَأةَ فوجدتهم متقاربين، فاقرؤوا كما علّمتم، إنما هو كقول أحدهم : هَلُمَّ وتعالَ، وكذلك قال ابن سيرين : إنما هو كقولك : هلم وتعال وأقبل. ثم فسّره ابن سيرين فقال : في قراءة ابن مسعود ( إن كانت إلا زَقْيَةً واحدة)، وفي قراءتنا :﴿ إنْ كانت إلا صيحة واحدة ﴾ [يس ٢٩]... ولا يكون المعنى في السبعة الأحرف إلا على اللغات لا غير، بمعنى واحد، لا يختلف فيه حلال ولا حرام ولا خبر ولا غير ذلك " (١).
وقال أبو عبيد في كتابه ( فضائل القرآن ) :" وليس معنى تلك السبعة أن يكون الحرف الواحد يُقرأ على سبعة أوجه، هذا شيء غير موجود، ولكنه عندنا أنه نزل على سبع لغات متفرقة في جميع القرآن من لغات العرب، فيكون الحرف منها بلغة قبيلة، والثاني بلغة أخرى سوى الأولى، والثالث بلغة أخرى سواهما، كذلك إلى السبعة، وبعض الأحياء أسعد بها وأكثر حظاً فيها من بعض، وذلك بَيِّنٌ في أحاديث تترى" (٢)، ونقل أبو عبيد رواية عن أنس بن مالك بنزول القرآن بلغة قريش، ونقل روايتين عن عبد الله بن عباس في تسمية القبائل التي نزل القرآن بلغاتها (٣).
(٢) فضائل القرآن ص ٣٣٩
(٣) فضائل القرآن ص ٣٣٩- ٣٤٠