وانتصر ابن عبد البر ( ت ٤٦٣هـ) لمذهب الطبري في تفسير الحديث، وقال :" وأنكر أكثر أهل العلم أن يكون معنى حديث النبي – ﷺ : أنزل القرآن على سبعة أحرف سبع لغات... وقالوا : إنما معنى السبعة الأحرف سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو: أقبل وتعال وهلم، وعلى هذا الكثير من أهل العلم (١).
وذكر ابن عبد البر أن سفيان بن عينية ( ت ١٩٨هـ) سُئِلَ عن اختلاف قراءة المدنيين والعراقيين : هل تدخل في السبعة الأحرف ؟ فقال : لا، وإنما السبعة الأحرف كقولهم : هَلُمّ، وأقْبِلْ، وتَعَالَ، أيَّ ذلك قلت أجزأك (٢). ولعل الطبري استند إلى رأي سفيان في تفسيره للأحرف السبعة.
ومن المحدثين مَن رجَّح هذا المذهب (٣)، ومنهم من أنكره لأنه يمكن أن يُستدل به على جواز " تأدية المعنى باللفظ المرادف " (٤)، وهو ما يفتح باب القول بجواز القراءة بالمعنى، كما ذهب إلى ذلك بعض المستشرقين متشبثين بهذا التفسير للأحرف السبعة. (٥)
لكن الروايات والآثار المنقولة عن بعض الصحابة والتابعين تشير إلى شيء من ذلك، كالتمثيل بالأفعال : هلم وتعال وأقبل، وصيحة وزقية، لكن البعض يجعل ذلك من باب التفسير وليس القراءة، على نحو ما سنشير إلى ذلك عند الحديث عن القراءات المخالفة لرسم المصحف.
(٢) التمهيد ٨/٢٩٣، وينظر : أبو شامة : المرشد الوجيز ص ١٠٥
(٣) ينظر : مناع القطان : مباحث في علوم القرآن ص ١٦٢
(٤) ينظر : ابن حجر : فتح الباري ٩/٢٦
(٥) ينظر : صبحي الصالح : مباحث في علوم القرآن ص ١٠٧، وعبد الصبور شاهين : تاريخ القرآن ص ٧٧- ٩٧