تلك أهم الأقوال في تفسير الأحرف السبعة، ولا يكاد قول منها يسلم من مأخذ أو اعتراض، وهو ما يمنع من اعتماد واحد منها أو ترجيحه، ولكن تلك الأقوال بينها تداخل وارتباط، وقد يكمل بعضها بعضاً في فهم الرخصة في القراءة، ومن ثم لا يجوز إلغاء أي منها، لأن كل واحد منها يمت إلى أصل الموضوع بسبب :
(١) فالقول إن الأحرف هي سبعة من وجوه القراءات يتخذ من الآثار التي ترتبت على الرخصة أساساً للتفسير، لكن آراء العلماء تباينت في كيفية حصر تلك السبعة، لكونهم يستندون إلى الاجتهاد في ذلك.
(٢) والقول إن الأحرف سبع لغات من لغات العرب متفرقة في القرآن، فيكون بعضه بلغة هذه القبيلة، وبعضه بلغة أخرى، وهكذا، لا يبتعد عن سبب الرخصة، وهو اختلاف اللغات، لكنه لا يؤدي إلى التيسير في القراءة بقدر ما يؤدي إلى التعقيد، فبدلاً من قراءة القرآن بلغة قريش فإن القارئ سيقرؤه بسبع لغات.
(٣) والقول إن الأحرف سبع لغات في حرف واحد وكلمة واحدة، باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني، قد يعبِّر عن وجه من وجوه التيسير لكنه يثير أكثر من إشكال، فهو يحصر الرخصة في إبدال كلمة بأخرى، ويَعُدُّ القراءات الموجودة اليوم لا تدخل في الأحرف السبعة، ولا يبين القائلون بهذا القول أصل هذا القراءات ومصدرها.
وكذلك فإن الاختلاف بين لغات العرب لا يصل إلى أن يكون للمعنى الواحد لفظ مغاير في كل لغة من تلك اللغات، لأن الاختلاف بينها إذا وصل إلى هذه الدرجة فإنها ستكون لغات مستقلة لا يجمعها اسم العربية، ولا يخفى على القارئ أن علماء العربية والقراءة حين يستخدمون كلمة ( لغات) فإنهم يقصدون ما يسميه اللغويون اليوم باللهجات.


الصفحة التالية
Icon