ويمكن أن نخلص من العرض السابق إلى نتيجة تلخص المراد من الأحرف السبعة، وهو التعبير عن الرخصة في القراءة للصحابة الذين لم تمكنهم عاداتهم اللغوية من نطق القرآن الكريم باللفظ المنزل بلغة قريش، وذلك بالترخيص لهم بقراءته بعربيتهم التي اعتادوها ونشأوا عليها، وهي لا تبتعد كثيراً عن عربية قريش التي نزل بها القرآن، فكانت القراءات القرآنية نتيجة الرخصة.
وإذا كانت السبعة لم تتعين بنص من النبي - ﷺ – ولا بإجماع من الصحابة، وقد اختلفت فيها أقوال العلماء وتباينت، وذهب بعضهم إلى أنها من المشكل الذي لا يُدرى معناه، وقال آخرون: لم يقصد بالسبعة حقيقة العدد، فإن صرف النظر عن تحديد السبعة إلى دراسة ما أنتجته الرخصة من قراءات وتحديد علاقتها بالمصحف الذي أجمع عليه الصحابة – رضوان الله تعالى عليهم – أمر أكثر أهمية وفائدة.
ومما يكمل الحديث عن دلالة الأحرف السبعة البحث عن مدى الرخصة، والإجابة عن التساؤل عن مقدار ارتباط كل الوجوه التي ترتبت عن الرخصة بالنبي - ﷺ – وصدورها عنه ؟
٤. الأحرف السبعة توقيف أم اجتهاد :
كان رسول الله - ﷺ – يتلقى القرآن من جبريل – عليه السلام – ثم يتلوه على صحابته، ويأمر كتبة الوحي بكتابته، وكان ذلك يجري على لسان قريش، ثم جاءت رخصة الأحرف السبعة ولم تتغير طريقة إنزال القرآن وتبليغه، لكن الرخصة أدَّت إلى ظهور وجوه جديدة في القراءة، إلى جانب قراءته بلغة قريش التي أُنزل بها، وكُتِبَ عليها.


الصفحة التالية
Icon