وصرح عدد من علماء السلف أن القراءات كلها منزلة، فقال أبو عمرو الداني ( ت ٤٤٤هـ) :" ووجه هذا الاختلاف في القراءات أن رسول الله – ﷺ – كان يعرض القرآن على جبريل – عليه الصلاة والسلام – في كل عام عرضة، فلما كان في العام الذي توفي فيه عرضه عليه عرضتين، فكان جبريل – عليه الصلاة والسلام – يأخذ عليه في كل عرضة بوجه وقراءة من هذه الأوجه والقراءات المختلفة، ولذلك قال – ﷺ - : إن هذا القرآن أنزل عليها، وأنها كلها شافٍ كافٍ، وأباح لأمته القراءة بما شاءت منها، مع الإيمان بجميعها، والإقرار بكلها، إذ كانت كلها من عند الله تعالى منزلة، ومنه – ﷺ – مأخوذة" (١).
وقال أيضا :" وهذه القراءات كلها والأوجه بأسرها من اللغات هي التي أنزل القرآن عليها، وقرأها رسول الله – ﷺ – وأقرأ بها، وأباح الله تعالى لنبيه القراءة بجميعها، وصَّوب الرسول- صلى الله عليه وسلم–من قرأ ببعضها دون بعض" (٢).
وقال البغوي ( ت ٥١٠هـ) :" إذ ليس معنى هذه الحروف أن يقرأ كل فريق بما شاء مما يوافق لغته من غير توقيف، بل كل هذه الحروف منصوصة وكلها كلام الله عز و جل – نزل بها الروح الأمين على النبي – صلى الله عليه وسلم- " (٣)
وقال ابن حجر العسقلاني ( ت ٨٥٢ هـ) :" إن الإباحة المذكورة لم تقع بالتشهي، أي أن كل أحد يُغَيِّرُ الكلمة بمرادفها في لغته، بل المراعى في ذلك السماع من النبي – ﷺ – ويشير إلى ذلك قول كل من عمر وهشام في حديث الباب : أقرأني النبي – ﷺ – " (٤)

(١) الأحرف السبعة ص ٤٦
(٢) الأحرف السبعة ص ٥٣
(٣) نقلاً عن أبي شامة : المرشد الوجيز ص ١٣٤
(٤) فتح الباري ٩/٢٧


الصفحة التالية
Icon