وجاء في بعض الروايات وأقوال بعض العلماء ما يفهم منه صدور بعض القراءات من الصحابة من دون توقيف، فقال ابن حجر :" لكن ثبت عن غير واحد من الصحابة أنه كان يقرأ بالمرادف، ولم يكن مسموعاً له، ومن ثم أنكر عمر على ابن مسعود قراءته ( عتى حين) أي : حتى حين، وكتب إليه " أن القرآن لم ينزل بلغة هذيل، فأقرئ الناس بلغة قريش ولا تقرئهم بلغة هذيل". وكان ذلك قبل أن يجمع عثمان الناس على قراءة واحدة" (١)
ونقل ابن جني في ( المحتسب) ثلاث قراءات عن أنس بن مالك استدل بها على جواز القراءة بالمرادف، وهي :
١. ومن ذلك ما رواه الأعمش، قال : سمعت أنساً يقرأ :( لَوَلّوْا إليه وهو يجمزون) قيل له : وما يجمزون ؟ إنما هي : يجمحون [ التوبة ٥٧]، فقال : يجمحون ويجمزون ويشتدون واحد.
قال أبو الفتح : ظاهر هذا أن السلف كانوا يقرؤون الحرف مكان نظيره من غير أن تتقدم القراءة بذلك، لكنه لموافقته صاحبه في المعنى. (٢).
٢. عن الأعمش عن أنس أنه قرأ :( وأقومُ قيلاً ) [ المزمل ٦] : و أصوب، فقيل له : يا أبا حمزة، إنما هي :( وأقوم قيلاً)، فقال أنس : إن أقوم وأصوب وأهيأ واحد.
قال أبو الفتح : هذا يؤنس بأن القوم كانوا يعتبرون المعاني، ويخلدون إليها، فإذا حصلوها وحصنوها سامحوا أنفسهم في العبارات عنها (٣)
٣. وقرأ أنس في ما رواه أبان عنه ( وحططنا عنك وزرك)، قال : قلت : يا أبا حمزة :( ووضعنا)[ الشرح٢]، قال : وحللنا وحططنا عنك وزرك سواء. إن جبريل أتى النبي – ﷺ – فقال : اقرأ على سبعة أحرف، ما لم تخلط مغفرة بعذاب، أو عذاباً بمغفرة (٤).
ونقل أبو محمد بن بسطام عن شيخه محمد بن الهيصم قوله :" أما القراءات فإنها على ثلاثة أوجه :

(١) فتح الباري ٩/٢٧
(٢) المحتسب ١/٢٩٦
(٣) المحتسب ٢/٣٣٦
(٤) المحتسب ٢/٣٦٧


الصفحة التالية
Icon