منها : أن يغلط القارئ فيقرأ على خلاف ما هو الحق، وذلك ما لا يجوز أن يعتدَّ به في قراءات القرآن، وإنما يرجع لومه على الغالط به...
والوجه الثاني : من القراءات أن يكون القرآن قد نزل على لغة، ثم خرج بعض القراء فيه إلى لغة أخرى من لغات العرب، مما لا يقع فيه خلاف المعنى، فتُرِكَ النكير عليه تيسيراً وسعة، وقرأ به بعض القراء وذلك بمنزلة ما ذكر عن أنس بن مالك أنه قرأ " وحللنا عنك وزرك "، ولا ينكر أن يكون قد قرئ من هذا الضرب بين يدي رسول الله – ﷺ – ولم ينكره...
والوجه الثالث : من القراءات هو ما اختلف باختلاف النزول بما كان يَعْرِضُ رسول الله – ﷺ – القرآن على جبريل في كل شهر رمضان وذلك بعد ما هاجر إلى المدينة، فكان أصحاب رسول الله – ﷺ – يتلقون منه حروف كل عرض، فمنهم من يقرأ على حرف، ومنهم من يقرأ على آخر، إلى أن لطف الله عز وجل بهم، فجمعهم على آخر العرض.." (١).
وأنكر عدد من العلماء أن يكون الصحابة قد قرؤوا بالمعنى، فقال أبو بكر بن الأنباري ( ت ٣٢٧هـ) معلقاً على ما رواه الأعمش عن أنس من أنه قرأ ( وأصوب قيلاً) :" وقد ترامى ببعض هؤلاء الزائغين إلى أن قال : من قرأ بحرف يوافق معنى حرف من القرآن فهو مصيب إذا لم يخالف معنى، ولم يأت بغير ما أراد الله وقصد له، واحتجوا بقول أنس هذا، وهو قول لا يعرج عليه ولا يلتفت إلى قائله، لأنه لو قرأ بألفاظ تخالف ألفاظ القرآن إذا قاربت معانيها واشتملت على عامتها لجاز أن يقرأ في موضع ( الحمد لله رب العالمين ) : الشكر للباري ملك المخلوقين، ويتسع الأمر في هذا حتى يبطل جميع القرآن، ويكون التالي له مفترياً على الله عز وجل، كاذباً على رسوله – ﷺ -.

(١) مقدمة كتاب المباني ص ١٧٠- ١٧١، وينظر : ص ٢١٨- ٢٢


الصفحة التالية
Icon