قال أبو شامة معقباً على قول زيد بن ثابت – رضي الله عنه - :" القراءة سنة " :" وقلت وهذه السنّة التي أشاروا إليها هي ما ثبت عن رسول الله – ﷺ – نصاً أنه قرأه أو أَذِنَ فيه على ما صح عنه :( إن هذا القرآن نزل على سبعة احرف )، فلأجل ذلك كثر الاختلاف في القراءة في زمانه - ﷺ – وبعده إلى أن كتبت المصاحف" (١).
وقد جاء في موضع آخر من كلام أبي شامة ما يوضح قوله هذا بما لا يدع في موقفه من هذه القضية أي غموض أو لبس، فقال وهو يتحدث عن كتابة المصحف :" المجموع في المصحف هو المتفق على إنزاله المقطوع به، وهو ما كتب بأمر النبي - ﷺ – أو ثبت عنه أنه قرأ به أو أقرأ غيره به... وأما ما لم يرسم فهو مما كان جوَّز به القراءة وأَذِنَ فيه، ولما أُنزل ما يكن بذلك اللفظ خَيّرَ بين تلك الألفاظ، توسعة على الناس وتسهيلاً عليهم، فلما أفضى ذلك إلى ما نقل من الاختلاف والتكثير اختار الصحابة - رضي الله عنهم – الاقتصار على اللفظ المنزل المأذون في كتابته، وترك الباقي للخوف من غائلته، فالمهجور هو ما لم يثبت إنزاله، بل هو من الضرب المأذون فيه بحسب ما خف وجرى على ألسنتهم" (٢).
وأود أن أذكّر القارئ في آخر هذا العرض بعدد من النقاط، منها :
١. ثبت أن جبريل – عليه السلام – كان يدارس النبي – صلى الله عليه وسلم- القرآن
في شهر رمضان من كل عام، وكان يعارضه بالقرآن، وأنه عرض عليه القرآن في

(١) المرشد الوجيز ص ١٧١، وأثبت أبو شامة النص في كتابه إبراز المعاني بحذافيره ( ص٤)، وهو في المرشد ( أنه قرأه وأذن فيه ) وصححته من إبراز المعاني
(٢) المرشد الوجيز ١٣٨-١٣٩


الصفحة التالية
Icon