العام الذي قُبِضَ فيه مرتين (١). لكن القول إنه كان يعارضه في كل عام بحرف من الأحرف السبعة لم يثبت بنص عنه – صلى الله عليه وسلم- وإنما هو شيء استنتجه بعض العلماء، واستشكله آخرون (٢)
٢. إن تعليم الصحابة القرآن كانت عملية مستمرة، لتتابع نزول القرآن، ولتتابع دخولهم في الإسلام، وكانت تلك العملية كبيرة وشاقة، ما كان يتأتى للنبي – ﷺ – أن يتولاها بنفسه في جميع الأوقات، ولهذا كان إذا دخل رجل في الإسلام دفعه إلى بعض الصحابة وقال لهم : فقِّهوا أخاكم في دينه وأقرئوه وعلموه القرآن. (٣) وحين تتابعت الوفود على المدينة في السنة التاسعة من الهجرة كان أبيُّ بن كعب يعلِّم تلك الوفود القرآن (٤).
وبناء على ذلك يصعب القول إن النبي – ﷺ – علّم كل صحابي القراءة على لغته التي اعتاد عليها، لأن ذلك يحتاج من الوقت والجهد ما لم يكن يسمح به وقت النبي – ﷺ – الذي كان مشغولاً بالدعوة والتعليم والتربية لأصحابه، وبالجهاد والقتال لأعدائه، والأقرب إلى التصور أن النبي – ﷺ – كان يعلِّم الصحابة ما ينزل عليه من القرآن، ويأمرهم بكتابته، ويقرؤه عليهم في صلواته، ورخَّص لهم بقراءته بما يستطيعون من وجوه النطق، وكان يتابع ذلك معهم بين الحين والآخر فيسمعه منهم فرادى أو جماعات، على نحو ما مرّ ذكره.

(١) رواه البخاري : فتح الباري ٩/٤٣
(٢) ينظر : السيوطي : الإتقان ١/١٣٦
(٣) ينظر : الطبري : تاريخ الرسل والملوك ٢/٤٧٤
(٤) ينظر : ابن سعد : الطبقات الكبرى ١/٣٣٦ و ٣٤٥


الصفحة التالية
Icon