وكان هدف أبي بكر من ذلك جَمْعَ القرآن في صحف منظمة يُؤْمَنُ معها ضياع شيء من القرآن، ولم يكن ما قام به زيد سوى نقل الرقاع المتفرقة إلى صحف متتابعة يضمها لوحان، وليس هناك ما يشير إلى تتبع زيد للقراءات التي ترتبت على الرخصة، لتثبيتها في الصحف، فإذا كان الراجح أن ما كُتِبَ بين يدي رسول الله - ﷺ – من القرآن كان بلسان قريش، ولم تدخله آثار رخصة الأحرف السبعة فإن الصحف تابعة في ذلك للأصل الذي نُقلت منه.
وذهب عدد من العلماء إلى أن الصحف كانت محتوية جميع الأحرف السبعة ونسب ابن الجزري هذا المذهب إلى عدد من العلماء، وذلك في قوله :" والحق ما تحرر من كلام الإمام محمد بن جرير الطبري وأبي عمر بن عبد البر، وأبي العباس المهدوي، ومكي بن أبي طالب، وأبي القاسم الشاطبي، وابن تيمية وغيرهم، وذلك أن المصاحف ( كذا) التي كتبت في زمن أبي بكر–رضي الله عنه – كانت محتوية على جميع الأحرف السبعة (١)
ولم أجد في ما اطلعت عليه من كلام هؤلاء العلماء النص على ذلك سوى الشاطبي ( ت٥٩٠هـ) الذي قال في قصيدته ( عقيلة أتراب القصائد ) التي نظم فيها كتاب ( المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار ) لأبي عمرو الداني (٢) :
فأجْمَعُوا جَمْعَهُ في الصُّحْفِ واعتمدوا زَيد بن ثابتٍ العدلَ الرضى نظرا
فقامَ فيه بعونِ اللهِ يَجْمَعُهُ بالنُّصْحِ والجدِ والعزمِ الذي بهرا
من كلّ أوْجُهِهِ حتى اسْتَتَمَّ لهُ بالأحرفِ السبعةِ العليا كما اشتهرا

(١) منجد المقرئين ص ٢١- ٢٢
(٢) ينظر : علي محمد الضباع : إتحاف البررة ص ٣١٨


الصفحة التالية
Icon