وصرح الداني بذلك في (المقنع ص١٢٠) حيث قال :" إن أبا بكر – رضي الله عنه – كان قد جمعه أولاً على السبعة الأحرف التي أذن الله عز وجل للأمة في التلاوة بها، ولم يخص حرفاً بعينه، فلما كان زمان عثمان ووقع الاختلاف بين أهل العراق وأهل الشام في القراءة وأعلمه حذيفة بذلك رأى هو ومن بالحضرة من الصحابة أن يجمع الناس على حرف واحد من تلك الحرف وأن يسقط ما سواه ". وأشار الداني إلى ذلك أيضاً في كتابه الكبير ( جامع البيان في القراءات السبع المشهورة ) (١)
وتابع شرَّاح العقيلة ناظمها في القول بذلك، فقال علم الدين السخاوي :" فجمع زيد بن ثابت - رضي الله عنه – هذه الأحرف السبعة وكانت متفرقة في الصحابة، ومجموعة عند بعضهم" (٢). وكذلك فعل ابن القاصح في شرحه (تلخيص الفوائد) [ ص ١٣]، لكن الجعبري استشكل عبارة الشاطبي، و حاول إيجاد دليل عليها، فقال :" ودل قوله:(حتى استتم له بالسبعة الأحرف) على أن زيداً كتب القرآن كله بجميع وجوه قراءاته، والمُعبَّّر عنها بـ ( السبعة الأحرف )، وليس في كلام أبي بكر وزيد - رضي الله عنهما – تصريح بذلك، بل هو مفهوم سياق كلامهما، لأن أبا بكر أمر بكتابة القرآن كله، وكل حرف من الحروف السبعة بعض من أبعاض القرآن، فلو أخلَّ ببعضها لم يكن قد كتب القرآن كله" (٣)
والذي أرجحه هو خلو الصحف من أي أثر لرخصة الأحرف السبعة، لكونها منقولة من الرقاع التي كَتَبَ عليها زيد بن ثابت القرآن في زمن النبي - ﷺ – والتي كُتِبَتْ على لغة قريش المنزَّل عليها القرآن، والسياق التاريخي يدل على ذلك، لأن جمع تلك الوجوه في الكتابة أمر بالغ الصعوبة والتعقيد، وأنه لا ضرورة تدعو إلى تجشم عناء تلك المهمة، ما دام اللفظ المنزل للقرآن محفوظاً.

(١) ينظر : الأحرف السبعة ص ٦٠ – ٦٣
(٢) الوسيلة إلى كشف العقيلة ص ١٤٨ – ١٤٩
(٣) جميلة أرباب المراصد ص ١٨٦


الصفحة التالية
Icon