ووضع علماء القراءة مقياساً لقبول القراءة أو ردها، منذ أول عصر التأليف في علم القراءات، فهذا أبو عبيد القاسم بن سلام ( ت ٢٢٤هـ)، صاحب أول كتاب جامع في القراءات، يستند إلى ذلك المقياس في اختيار القراءة في ما كُتِبَت فيه هاء السكت، فقال :" الاختيار عندي في هذا الباب كله الوقوف عليها بالهاء بالتعمد لذلك، لأنها إن أدرجت في القراءة مع إثبات الهاء كان خروجاً من كلام العرب، وإن حذفت في الوصل كان خلاف الكتاب، فإذا صار قارئها إلى السكت عندها على ثبوت الهاءات اجتمعت له المعاني الثلاثة من أن يكون :
- مصيباً في العربية.
- وموافقاً للخط.
- وغير خارج من قراءة القراء ". (١)
وقال مكي بن أبي طالب القيسي ( ت ٤٣٧هـ) وهو يتحدث عن أقسام القراءات :" قسم يُقْرَأ به اليوم، وذلك ما اجتمعت فيه ثلاث خِلال، وهي : أن يُنْقَلَ عن الثقات إلى النبي - ﷺ – ويكون وجهه في العربية التي نزل بها القرآن شائعاً، ويكون موافقاً لخط المصحف" (٢).
وصارت القراءات المخالفة لخط المصحف في حكم المنسوخة، قال مكي :" وسقط العمل بالقراءات التي تخالف خط المصحف، فكأنها منسوخة بالإجماع على خط المصحف (٣) ". ومرَّ من قبل أن بعض العلماء لا يعد ما خالف الخط قراءة، وإنما هي على التفسير.
وبعد هذا العرض لطبيعة العلاقة بين القراءات والرسم بعد نسخ المصاحف العثمانية تلزم الإجابة عن سؤالين :
الأول : هل المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف السبعة ؟
والآخر : هل القراءات التي يُقْرَأ بها القراء السبعة أوالعشرة هي جميع الأحرف السبعة أم بعضها ؟

(١) نقلاً عن ابن الأنباري : إيضاح الوقف ١/٣١١
(٢) الإبانة ص ١٠، وينظر : الباقلاني : نكت الانتصار ص ١٠٢، وأبو شامة : المرشد الوجيز ص ١٤٤
(٣) الإبانة ص ١٠، وينظر : الباقلاني : نكت الانتصار ص ١٠٢، وأبو شامة : المرشد الوجيز ص ١٤٤


الصفحة التالية
Icon