والإجابة عن هذين السؤالين متداخلة وينبني بعضها على بعض.
أما السؤال الأول فقد أجاب عنه ابن الجزري بقوله :" إن هذه مسألة كبيرة اختلف العلماء فيها، فذهب جماعات من الفقهاء والقراء والمتكلمين إلى أن المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف السبعة التي نزل القرآن بها، وقد أجمع الصحابة على نقل المصاحف العثمانية من الصحف التي كتبها أبو بكر وعمر، وإرسال كل مصحف منها إلى مصر من أمصار المسلمين، وأجمعوا على ترك ما سوى ذلك، وقال هؤلاء : ولا يجوز أن ينهى عن القراءة ببعض الأحرف السبعة، ولا أن يُجمعوا على ترك شيء من القرآن.
وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف وأئمة المسلمين إلى أن هذه المصاحف العثمانية مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة، جامعة العرضة الأخيرة التي عرضها النبي - ﷺ – على جبريل – عليه السلام – متضمنة لها، لم تترك حرفاً منها. قلت( ابن الجزري) : وهذا القول هو الذي يظهر صوابه، لأن الأحاديث الصحيحة والآثار المشهورة المستفيضة تدل عليه وتشهد له" (١).
ولا شك في أن المذهب الثاني الذي رجحه ابن الجزري هو الصواب، لكنه يحتاج أن نضيف إليه ملاحظة وهي أنه يجب أن نؤكد على أن المصاحف العثمانية كُتِبَت على حرف واحد وقراءة واحدة، وسمح الخط بقراءتها بأكثر من حرف أو وجه. وهذا ينقلنا إلى الإجابة عن السؤال الثاني، وهو هل القراءات التي يُقْرَأ بها مما وافق خط المصحف هي جميع الأحرف السبعة أم بعضها ؟