والخلاصة في العلاقة بين القراءات، وهي الوجه العملي لرخصة الأحرف السبعة، ورسم المصحف، هي أن ما كان مخالفاً للرسم من القراءات التي كان يقرأ بها الصحابة قد تُرِكَتِ القراءة به، وصار في حكم المنسوخ، وقد يروى لبيان معنى أو للاحتجاج للغة، وما كان موافقاً للخط مما ثبتت روايته هو الذي قرأت به القراء، ولكننا لا يمكن أن نحدد الحرف الذي كَتَبَ عليه عثمان بن عفان - رضي الله عنه – المصاحف، فكل وجه يحتمله خط المصحف، يمكن أن يكون من ذلك الحرف، وذلك بسبب التمازج الذي حصل بين القراءات بسبب ظاهرة الاختيار في القراءة التي سنتحدث عنها في الفقرة الآتية، إن شاء الله.
وكان مكي قد أحسن التعبير عن هذه القضية، في رأيي، وأنقل للقارئ ما قاله :" فالمصحف كُتِبَ على حرف واحد، وخطه محتمل لأكثر من حرف، إذ لم يكن منقوطاً ولا مضبوطاً، فذلك الاحتمال الذي احتمل الخط هو من الستة الأحرف الباقية، إذ لا يخلو أن يكون ما اخْتُلِف فيه من لفظ الحروف التي [ لا ] تخالف الخط : إما هي مما أراد عثمان، أو مما لم يرده إذ كتب المصحف. فلا بد أن يكون إنما أراد لفظاً واحداً أو حرفاً واحداً، لكنا لا نعلم ذلك بعينه، فجاز لنا أن نقرأ بما صحَّت روايته مما يحتمله ذلك الخط، لنتحرى مراد عثمان - رضي الله عنه – ومن تبعه من الصحابة وغيرهم. ولا شك في أن ما زاد على لفظ واحد في كل حرف اختلف فيه : ليس مما أراد عثمان، فالزيادة لا بد أن تكون من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن... " (١).