وحين مات أبو عبد الرحمن السلمي سنة ٧٤هـ (١) خلفه في موضعه عاصم بن أبي النجود ( ت ١٢٧هـ) (٢) وقال عاصم : ما أقرأني أحدٌ حرفاً إلا أبو عبد الرحمن السلمي، وكان أبو عبد الرحمن قد قرأ على علي - رضي الله تعالى عنه – وكنت أرجع من عند أبي عبد الرحمن فأعرض على زِرِّ بن حُبَيْشٍ، وكان زِرٌّ قد قرأ على عبد الله" (٣).
ونقل ابن سوار البغدادي ( ت ٤٩٦ هـ ) رواية عن أبي عمر الدوري، سوف أوردها على ما فيها من طول، لأنها تتعلق بقراءتنا التي نقرأها اليوم، ولدلالتها على موضوع الاختيار، وهي من الروايات العزيزة التي لم أقف عليها في ما اطلعت عليه من مصادر، قال :" سألت أبا عمارة حمزة بن القاسم الأحول الكوفي، وكان من أصحاب حمزة المعدودين في القراءة، عن سبب الاختلاف بين حفص بن سليمان وأبي بكر شعبة بن عياش، فقال : على الخبير سقطت، سألت حفص بن سليمان عن ذلك، وقلت له : إن أبا بكر بن عياش يخالفك عن عاصم في حروف كثيرة ؟! قال أبو عمارة : وكانت أم حفص تحت عاصم، وعاصم ربَّاه مذ كان طفلاً، فقال : قرأت هذه القراءة على عاصم حرفاً حرفاً، ولم أخالف عاصماً في حرف من كتاب الله تعالى. وأخبرني عاصم أنه قرأ علي أبي عبد الرحمن السلمي، وهي التي أخذها عن أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم- عثمان وعلي وزيد بن ثابت، وعامتها عن علي بن أبي طالب – رضوان الله عليهم.
قال حفص : فصححت القراءة على عاصم حتى لم أشك في حرف منها. وكان يقرأ بهذه القراءة زماناً من الدهر، وكان قد قرأ على زر بن حبيش صاحب عبد الله، فاختار بعد أن قطعت القراءة عليه، من حروف عبد الله وحروف زر هذه القراءة التي علمها أبا بكر بن عياش.

(١) تنظر ترجمته عند : ابن الجزري : غاية النهاية ١/٤١٣
(٢) ينظر : ابن مجاهد : كتاب السبعة ص ٦٩
(٣) كتاب السبعة ص٦٧


الصفحة التالية
Icon