٥) تلقى التابعون القراءة عن الصحابة، وعلمّوها لتابعي التابعين الذين تخصص منهم بالقراءة عدد من العلماء الذين اختار كل واحد منهم من مجموع ما تعلمه من القراءات قراءة داوم عليها، وعلّمها، فنسبت إليه، وتكاثرت اختيارات علماء القراءة، وفيها القوي والضعيف والصحيح والشاذ، مما جعل ابن مجاهد يدرس تلك الاختيارات ويميز بينها، فألَّفَ كتابه ( السبعة في القراءات ) جمع فيه القراءات الصحيحة المشهورة. وألَّف كتابه ( شواذ السبعة ) ضمَّنه ما عد القراءات السبع، مما كان قد اشتهر من قراءات الصحابة والتابعين وتابعيهم إلا أنها لم تبلغ في قوة السند أو موافقة الخط أو القوة في العربية ما بلغته السبع.
(٦) كان أثر اختيار ابن مجاهد هذا كبيراً على دراسة القراءات وروايتها، فاقتدى علماء القراءة بعمله، حتى استقر في أذهان كثير من الناس أن القراءات السبع هي المتواترة دون غيرها، واستأثرت بأكبر عدد من المؤلفات، لكن علماء القراءة بعد ابن مجاهد وجدوا ثلاث قراءات لا تقل عن السبعة في الصحة والقوة، وهي قراءات أبي جعفر ويعقوب وخلف، فأضافوها إلى السبع فصارت القراءات الصحيحة عشراً، وما عداها يعد شاذاً.
(٧) التقت في حفظ القرآن جهود علماء الرسم وعلماء القراءة، ونحن نستطيع القول اليوم : إن هذا الرسم هو الرسم الذي كَتبَ فيه الصحابة القرآن في المصاحف، بفضل جهود علماء الرسم الذين كتبوا المؤلفات في وصف رسم الكلمات في المصاحف العثمانية، ونستطيع أن نقول أيضا : إن هذه القراءة هي قراءة الصحابة للقرآن التي تلقوها عن رسول الله - ﷺ -، وإذا كنا لا نتمكن من القول إنها قراءة زيد بن ثابت وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود، فإننا يمكننا القول إنها قراءة هؤلاء جميعاً، لا يخرج من قراءتنا شيء عما قرأ به الصحابة - رضوان الله عليهم-