وهناك موضوعات تتعلق برسم المصحف هي موضع عناية مستمرة ونظر دائم من الدارسين، وموضوعات أُخرى تحتاج إلى توضيح وتبيين، وسبق لي أن تتبعت المصادر، ودرست الظواهر، في كتابي ( رسم المصحف : دراسة لغوية تاريخية ) ولا يتسع المقام لعرض ملخص لتلك المباحث، ولكني سوف أقف عند بعض الموضوعات التي يتجدد الاهتمام بها والسؤال عنها، وهي :
١. سبب اختلاف الرسوم.
٢. وجوه المخالفة الجائزة بين الرسم والقراءة.
٣. علامات الضبط : اختراعها وتطورها.
٤. المصاحف القديمة وأهمية دراستها.
(١) أسباب اختلاف الرسوم :
أول ما يلفت نظر الباحث في رسم المصاحف أن كثيراً من الخط المثبت فيها يخالف النطق ويخرج عن المعهود عند الناس في الكتابة (١). فمن الكلمات ما زيد في رسمه، ومنها ما نقص منه، ومنها ما جاء مرسوماً بغير رمز، وصار مدار مباحث الرسم على خمسة فصول (٢) :
الأول : ما وقع فيه من الحذف.
الثاني : ما وقع فيه من الزيادة.
الثالث : ما وقع فيه من قلب حرف إلى حرف.
الرابع : أحكام الهمزات.
الخامس : ما وقع فيه من القطع والوصل.
وينبغي التنبيه على خطأ منهجي وقع فيه كثير من الدارسين للرسم المصحفي، وهو النظر إلى ظواهره من خلال ما استقر من قواعد الإملاء العربي في عصور لاحقة لزمن كتابة المصاحف، ومن ثم جعلوا نُظُم الكتابة العربية ثلاثة هي (٣) :
رسم المصحف الذي قالوا فيه : لا يُقاس هجاؤه ولا يخالف خطه.
١. خط العروض الذي جرى على ما أثبته اللفظ، وإسقاط ما حذفه.
٢. وخطٌّ جرى على العادة المعروفة، وهو ما اصطلح عليه الكُتَّاب في غير رسم المصحف والعروض.

(١) المهدوي : هجاء مصاحف الأمصار ص ٧٥
(٢) ينظر : ابن وثيق : الجامع لما يحتاج إليه من رسم المصحف ص ٢٩
(٣) ينظر : ابن درستويه : كتاب الكتّاب ص ١٦، والزركشي : البرهان ١/٣٧٦، والسيوطي : همع الهوامع ٢/٢٤٣


الصفحة التالية
Icon