ووضَّح ابن الجزري موافقة القراءة لرسم المصحف تحقيقاً وتقديراً، فقال :" إذ موافقة الرسم قد تكون تحقيقاً، وهو الموافقة الصريحة، وقد تكون تقديراً، وهو الموافقة احتمالاً، فإنه قد خولف صريح الرسم في مواضع إجماعاً، نحو ( السموات والصلحت واليل والصلوة والزكوة والربوا ) ونحو ( لنظر كيف تعملون ) و ( جايء ) في الموضعين، حيث كُتِبَ بنون واحدة، وبألف بعد الجيم في بعض المصاحف، وقد توافق بعض القراءات الرسم تحقيقاً، ويوافقه بعضها تقديراً، نحو :( ملك يوم الدين ) فإنه كتب بغير ألف في جميع المصاحف، فقراءة الحذف تحتمله تحقيقاً، كما كُتِبَ ( ملك الناس) وقراءة الألف محتملة تقديراً، كما كُتِبَ ( مالك الملك)... على أن مخالف صريح الرسم في حرف مدغم، أو مبدل، أو ثابت، أو محذوف، أو نحو ذلك لا يعدّ مخالفاً، إذا ثبتت القراءة به، ووردت مشهورة مستفاضة، ألا ترى أنهم لم يعدوا إثبات ياءات الزوائد وحذف ياء ( تسئلني) في الكهف، وقراءة ( وأكون من الصالحين )، والظاء من ( بضنين ) ونحو ذلك، من مخالفة الرسم المردود، فإن الخلاف في ذلك يغتفر، إذ هو قريب يرجع إلى معنى واحد، وتُمَشِّيهِ صحة القراءة وشهرتها وتلقيها بالقبول، وذلك بخلاف زيادة كلمة ونقصانها، وتقديمها وتأخيرها، حتى ولو كانت حرفاً واحداً من حروف المعاني، فإن حكمه حكم الكلمة لا يسوغ مخالفة الرسم فيه. وهذا هو الحد الفاصل في حقيقة اتباع الرسم ومخالفته" (١).