كُتِبَت المصاحف مجرَّدة من علامات الحركات، ونِقاط الإعجام، فلم يكن في الكتابة العربية في عصر تدوين القرآن علامات من أي نوع، وليس هناك دليل على أن المصاحف جُرِّدت من الحركات ونِقاط الإعجام ليحتمل رسمها أكثر من قراءة، فلم تكن تلك العلامات قد اخترعت أو استخدمت في الكتابة العربية في ذلك الوقت.
ولم تكن الحياة العلمية عند العرب قبل الإسلام تستدعي استخداماً واسعاً للكتابة، لكن الإسلام أحدث حركة علمية هائلة في الحياة العربية، وانقلاباً حضارياً شاملاً، فدخلت الكتابة العربية مرحلة الاستخدام الواسع للتعبير عن حاجات الأفراد والمجتمع والدولة، وكان بدء تلك الحركة تدوين المصحف، الكتاب الأول الذي عرفته المكتبة العربية، ثم تنوعت صور الاستخدام بعد ذلك لتشمل العلوم العربية والإسلامية كافة.
ولم تكن الكتابة العربية – وهي خالية من العلامات - قادرة على الاستجابة لتلك الحاجات التي استجدت في الحياة العلمية والثقافية للمجتمع الإسلامي، ومن ثم سارع علماء القرآن واللغة العربية إلى اختراع نظم جديدة للعلامات التي تمثل الحركات، أو تُمَيِّزُ بين الحروف المتشابهة في الشكل، حتى أخذت الكتابة العربية شكلها المكتمل في القرنين الأول والثاني.