والوجه الثاني : ما يرجع إلى علامة الحركة والسكون، والشد والمد، والساقط والزائد، وهو المسمى بـ (علم الضبط). (١)
وكاد التأليف في موضوع ( الضبط ) يتوقف في العصور المتأخرة وفي زماننا، وذلك سبب استقرار النظام الكتابي العربي، بعد أن استكمل تمثيل أصوات العربية كلها، وحالات النطق المختلفة الأخرى، لكني أحسب أن الجهل بتاريخ هذا العلم قد يؤدي إلى الوقوع في بعض الأوهام.
٥. العلامات الكتابية من الأمور الحادثة بعد الإسلام، وعارضها بعض علماء التابعين وتابعيهم، لكن الحاجة العملية لتلك العلامات في قراءة القرآن وضبط اللغة قد جعلت من جاء بعدهم يوجبون ضبط المصاحف ضبطاً كاملاً، وكذلك كتب اللغة والأدب (٢).
وتعددت مذاهب العلماء في اختيار العلامات أو اختراع علامات جديدة، فكان الدؤلي قد اخترع أربع علامات، للحركات الثلاث والتنوين، واستخدم الخليل الحروف الصغيرة بدلاً من النقاط لتلك العلامات، وأضاف إليها أربع علامات أخرى هي : علامة الهمزة والتشديد والروم والإشمام، على نحو ما أشرنا من قبل.
ولم يقف علماء الضبط عند ما اخترعه الدؤلي والخليل من العلامات، فاستحدثوا علامة للسكون، وعلامة للمد، وهمزة الوصل (٣). وكان لبعض تلك العلامات أكثر من صورة، مثل الشدة والسكون، ولا يزال بعض المصاحف يستخدم للسكون علامة الصفر، وهي الدائرة الصغيرة المفرغة، وبعضها يستخدم رأس حرف الخاء دلالة على كلمة (خفيف).

(١) الطراز ص ٩
(٢) ينظر : ابن درستويه : كتاب الكتاب ص ١٠١، والداني : المحكم ص٥٦
(٣) ينظر : ابن وثيق : الجامع ص ١٥١- ١٦٥


الصفحة التالية
Icon