وإما لاشتغاله بالحكم عن العبادة تلك اللحظة. فظن أن الله تعالى فتنه، أي امتحنه واختبره، هل يترك الحكم للعبادة، أوالعبادة للحكم ؟ فاستغفر ربه. فاستغفاره لأحد هذين الأمرين المَظْنُونَين، ليجيء تَعَلُّق الظن بأحدهما. قال الله تعالى :﴿ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ﴾ [ص : ٢٥]. فاحتمل المغفور أحد هذين الأمرين. واحتمل ثالثا، وهو ظنه أن يكون الله لم يُرد فتنته، وإنما أراد إظهار كرامته. وانظر قوله تعالى :﴿ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآب ﴾ [ص : ٢٥] كيف يقتضي رِفعة قَدْرِه ؟ وقوله :﴿ يَا داودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً ﴾ [ص : ٢٦] يقتضي ذلك، ويقتضي ترجيح الحكم على العبادة. وعلى أي وجهٍ من الأوجه الثلاثة حَمَلْتَه، حَصَل تبرئة داود عليه السلام، مما يقوله القُصَّاص( (١) )، وكثير من الفضلاء.
ونُؤْثِرُ حُكم العقل في كل شُبهة ٍ*** إذا آثر الأخبارَ جُلَّاسُ قُصَّاص