وهذه الثلاثة الأخيرة أحْسَبُها من بُنَيِّات أفكار المسلمين، راموا بها توجيه ما ورد من الإسرائيليات في القصة، تحسينًا للظنِّ بنبي الله داود، والثالث منها، الظاهر أنهم استخرجوه من سياق الآية.
وقد نبَّه الشيخ (محمد الطاهر ابن عاشور) في ((التحرير والتنوير))(٢٣/٢٣٧، ٢٣٨) على أن القصة على ما فيها من خلاف موجودة في السفر الثاني من كتاب صمويل، من كتب اليهود. وذكر (البرهان البقاعي) في ((نَظْم الدُّرر))(١٦/٣٦٢) أن بعض مَنْ سلم من اليهود أخبره أن اليهود يتعمدون ذلك الكذب في حق داود عليه السلام، لأن المسيح عليه السلام من ذريته، ليتوصلوا بذلك إلى الطعن في المسيح عليه السلام.
وقد حاول بعض المنهزمين عقديًا وفكريًا أن يُلَفِّق _ وهو يزعم التوفيق _ بين ما ورد في التوراة من أن داود كان ملكًا، وليس نبيًا، وبين ما جاء به القرآن، وقد فَذَلِكُمُ ردَّ عليه العلاَّمة (القاسمي) في ((محاسن التأويل))(١٤/٥٠٩٢) ردًا متينًا. اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَق فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى ّ [يونس : ٣٢]. تُصْرَفُونَ
ومن العجيب أن نفرًا من المفسرين _ ومنهم أكابر _ قد نقلوا في كتبهم كثيرًا من الأخبار المتعلقة بهذه القصة _ وفيها ما فيها _ دون أن يقطعوا بكذبها، واستحالة وقوعها من نبي من أنبياء الله، لا سيما مَنْ هو موصوفٌ بالاجتهاد في العبادة، والتشمير في الطاعة.


الصفحة التالية
Icon