وإن القلب ليمتلئ حزنًا وكمدًا أن يرى (الطبري) في ((تفسيره)) (٢٣/٩١ _ ٩٧)، و(الزَّجَّاج) في ((معاني القرآن))(٤/٣٢٧، ٣٢٨)، و(القُشَيري) في ((لطائف الإشارات)) (٣/٢٥٠_ ٢٥٢)، و(الماوَرْدي) في ((النُّكت والعيون))(٥/٨٥ _(٨٩، و(ابن عَطِِيَّة) في ((المُحَرَّر الوجيز)) (٤/٤٩٨، ٤٩٩) يوردون أمثال تلك القصص التَّالفة، دون أن يتعرضوا لها بكبير نقد، أو أن يميلوا ميلةً واحدةً على من يُشيعها، فيستأصلون شَأْفَتَه، أو يُلقمونه الحَجَر، لكن المفسرين أجمعوا على نفي نسبة الفاحشة الكبرى إلى نبي الله داود عليه السلام، وذكروا أثرًا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لكنه لم يصِح عن عليٍ كما ذكر (ابن العربي المالكي) في ((أحكام القرآن)))٤/١٦٣٩،
ونقل (الأَلُوْسِي) في ((روح المعاني)) (٢٣/١٨٥) عن الحافظ (العِراقي) تضعيفَه أيضًا. ورجَّح (ابن العربي) أن مَنْ نسب إلى نبي الله الزنى، فإنه يُقتل، وأن مَنْ نسب إليه ما دون ذلك من الملامسة أو النظر، مختلفٌ فيه، فإن صمَّم، فإنه يُعَزَّر. وانظر :((محاسن التأويل)) (١٤/٥٠٨٩)، و((أضواء البيان للشِّنِقِيطي)) (٤/٥٣٦_ ٥٣٨ ) ففيهما إشارات إلى كلام أهل العلم في عِصمة الأنبياء. وتفصيل ذلك في كتب العقائد، والملل والنحل.
وقد صَنَّف قومٌ في عِصمة الأنبياء، منهم (ابن اللبَّاد المالكي)، كما في ترجمته من ((السِّير)) (١٥/٣٦٠)، و(الشمس الكردري الحنفي)، كما في ((كشف الظنون)) (١/٣٣٣) و(الفخر الرازي) المتكلم، وهو مطبوع. وللقاضي (عياض) في ((الشِّفا)) مبحثٌ طويل في هذه المسألة، فانظره (٢/٨٥ – ١٥٣). وهو الباب الأول من القسم الثالث من الكتاب.
وآخرون كأبي جعفر النَّحاس في ((إعراب القرآن)) كما في ((تفسير القرطبي)) ١٥/١١٥)، و(الزَّمَخْشَرِي) في ((الكَشَّاف))(٤/٨٠، ٨١)، وتبعه (النَّسَفِي) في ((مَدارك التنزيل))(٣/١٠٠٧) ذهبوا إلى أنه طلب منه أن يتنازل عنها كما تقدم ذِكْرُه.


الصفحة التالية
Icon