٣_ أن كلامه في بعض المواضع يحمل على بعض؛ فقد يظهر في موضعٍ ما إشكال، أو إجمال؛ فإذا انتقلت إلى موضع آخر في نفس الموضوع ربما زال الإشكال.
٤_ أننا بحاجة إلى إبراز الوجه المشرق _وما أكثره_ في سير علمائنا ومؤلفاتهم.
فليس بالضرورة إذا ذكر شخص أو عالم أن تُذكر هفواته، أو تُتَلمس عثراته، أو يُفصل فيها من غير حاجة.
أما إذا احْتِيْجَ إلى الرد والمناقشة مع أحد منهم فلذلك موضعه، ومناسبته، وما يليق به.
وإذا كانت الحاجة إلى التفصيل فُصِّل في ذلك، وإلا ذكرت أخطاؤه إجمالاً.
وبذلك نحفظ لعلمائنا وعظمائنا أقدارهم بلا وكس، ولا شطط.
كيف إذا استحضرنا أن الشيخ ابن عاشور قد عاش في مرحلة حرجة من مراحل تاريخ أمة الإسلام خصوصاً في بلدان المغرب العربي؟
حيث إن الاستعمار كان يضرب بجرانه فيها، ويجوس خلال ديارها؛ سعياً في تغريبها، وتفريقها، وطمس هويَّتها، والقضاء على ما بقي من معالم دينها، وعلومها، وعفتها؛ فذلك يدعو إلى الاحتفاء بهذا العالم، ويقود إلى التماس المعاذير له.
ولا يعني ذلك أن يساير في خطئه، وإنما المقصود أن يحفظ له قدره، وألا يغمط إحسانه، وفضله.
يقول العلامة الأستاذ محمد كرد علي × في مذكراته ١/ ٢٧٤ :=دخل عليَّ مستشار المعارف، وأنا في مكتبي بالوزارة ظاهر الغضب على محرر جريدتنا المقتبس؛ لنشره في الجريدة تعريضاً ببعض رصفائي الوزراء؛ خدمة لأعراض من يخدمهم من حزبه؛ فسألني المستشار عن غضبي على خلاف عادتي، فذكرت له السبب، فقال: لا أعرف كيف أعلل هذه الأخلاق فيكم تسقطون أبداً رجالَكم من الأعين، ورجالُكُم قليلون مهما بلغ عددهم لا يتجاوز المائة؛ فإذا أسقطتموهم كلهم فمن يبقى يخدمكم في السراء والضراء، وينفعكم باسمه ومكانته؟!+.