وقال الأستاذ محمد كرد علي _أيضاً_ :=كان أستاذنا الشيخ طاهر الجزائري وهو على سرير الموت يقول لمن حوله من أصحابه: اذكروا مَنْ عندكم من الرجال الذين ينفعونكم في الشدائد، ودوِّنوا أسماءهم في جريدة؛ لئلا تنسوهم، ونوِّهوا بهم عند كل سانحة، واحرصوا عليهم حرصَكم على أعزِّ عزيز.
وأظنهم على كثرة ماكدَّوا حافظتهم وذاكرتهم لم يعدوا أكثر من خمسين رجلاً.
وكان يقول لنا _أي الشيخ طاهر_ تجاوزوا عن سيئاتهم، وانتفعوا بحسناتهم.
وشيخنا هذا قضى عمره في السعي إلى الإصلاح والتجدد+.
٥_ أن المؤلف × يرى أن القرآن الكريم كتاب هدى وإصلاح، ومنبع علوم وآداب؛ فلا عجب _إذاً_ أن تجد في تفسيره تعرُّضاً لكثير من العلوم، والفنون، وشتى المعارف من صناعة، وطب، ونظريات في الفلك وغير ذلك من فروع الثقافة المختلفة التي قد يرى غيره أنها ليس من صميم عمل المفسر.
ولكن إذا علم منهجه زال العجب، وكان ذلك أدعى لقبول ما يورده؛ إذ هو ينطلق من القرآن الكريم إلى كلِّ ما مِنْ شأنِه رفعةُ الأمةِ في علومها، وشؤون حياتها الأولى والأخرى.
٦_ أن من أسباب دراسة سيرة الشيخ ابن عاشور وتفسيره التحرير والتنوير _ الرغبةَ في مزيد من الصلة بعلماء المغرب _بكافة دوله_ حيث إن بُعد المسافة، وقلة التواصل سبب للحرمان من الإفادة والتقارب.
وقد لمست شيئاً من ذلك من خلال كثير من الرسائل التي تصل عبر البريد العادي أو الإلكتروني؛ حيث وجدت الرغبة في مزيد من التواصل، بل والتعجب من أولئك في كوننا في بلادنا نعرف أو نُعنى بعلماء تلك البلاد كالشيخ ابن عاشور، والشيخ محمد الخضر حسين وهما من تونس، والشيخ محمد البشير الإبراهيمي من الجزائر _رحم الله الجميع_.
ولا ريب أن العلم رحمٌ بين أهله، ولئن بُسط العذر في الزمن الماضي لقلة وسائل الاتصال _ فهو الآن غير مبسوط؛ لتيسر الاتصال _ولله الحمد_.
فهذه بعض التنبيهات التي أحببت الإشارة إليها في بداية هذا الكتاب.