هو العلامة الشيخ محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور، ولد في ضاحية المرسى في تونس جمادى الأولى سنة ١٢٩٦هـ بقصر جده للأم الصدر الوزير محمد العزيز بو عتور.
وقد شب في أحضان أسرة علمية، ونشأ بين أحضان والد يأمل أن يكون على مثال جده في العلم والنبوغ والعبقرية، وفي رعاية جده لأمه الوزير الذي كان يحرص على أن يكون خليفة لهم في العلم والسلطان والجاه.
تلقى العلم كأبناء جيله، حيث حفظ القرآن، واتجه إلى حفظ المتون السائدة في وقته، ولما بلغ الرابعة عشرة التحق بجامع الزيتونة سنة ١٣١٠، وشرع ينهل من معينه في تعطُّشٍ وحبٍّ للمعرفة، ثم برز ونبغ في شتى العلوم سواء في علوم الشريعة، أو اللغة، أو الآداب أو غيرها من المعارف، والثقافات، بل والطب، وإتقان الفرنسية؛ فكان آية في ذلك كله.
له مؤلفات كثيرة في شتى الفنون، منها تفسيره المسمى بالتحرير والتنوير، ومقاصد الشريعة، وأصول النظام الاجتماعي في الإسلام، وكشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطا، وردٌّ على كتاب الإسلام وأصول الحكم لعلي عبدالرازق، وأصول التقدم في الإسلام، وأصول الإنشاء والخطابة، وأليس الصبح بقريب، وغيرها كثيرٌ كثيرٌ سواء أكان مطبوعاً أم مخطوطاً.
وكان ذا عقل جبار، وذا تدفُّق وتدفُّع في العلم؛ فكأنه إذا كتب في أي فنٍّ أو موضوع _ يغرف من بحر، وينحت من صخر؛ فإذا رأيت عنوان الموضوع الذي يريد الكتابة فيه قلت: ماذا سيقول؟ فإذا قرأت ما تحته رأيت العجب العجاب؛ لذا فإنك تحتاج وأنت تقرأ له أن تُحضر ذهنك، ولا تتشاغل عنه.
وكان ذا أسلوب محكم النسج، شديد الأسر، يذكر بأرباب البيان الأوائل.
وكان إذا كتب استجمع مواهبه العلمية، واللغوية، والأدبية، والاجتماعية، والتاريخية، والتربوية وغيرها لخدمة غرضه الذي يرمي إليه.