فلا غروَ _إذاً_ أن تجد في كتاباته عن أي موضوع: القصةَ، والحادثةَ التاريخيةَ، والنكتةَ البلاغيةَ، والمسألةَ النحويةَ، والأبياتِ الشعريةَ، والمقاصدَ الشرعيةَ، والمناقشةَ الحرةَ، والترجيحَ والموازنةَ.
كل ذلك بأدب عالٍ، وأسلوب راقٍ، ونَفَسٍ مستريض؛ فتشعر إذا قرأت له أن هذا البحث كتبه مجموعةٌ من المتخصصين في فنون شتى.
يقول الأستاذ محمد الطاهر الميساوي _حفظه الله_ في مقدمة كتاب مقاصد الشريعة لابن عاشور: =ومن ثمَّ فلا غرابة أن جاءت هذه السيرة وارفة الأفنان، متنوعة العطاء، دانية القطوف، وكأنما أنت في حضرة مجمع من العلماء ضُمَّ في صعيد واحد: اللغوي، والأديب، والمفسر، والمحدث، والأصولي، والفقيه، والمربي، والمؤرخ، والفيلسوف، والمنطقي، بل وحتى العالم بأمور الطب.
ويكفي لمعرفة مكانة ابن عاشور في التفسير الإحالة على موسوعته تفسير التحرير والتنوير.
أما في الحديث فهو حافظ حجة له إسناد جامع لصحيحي البخاري ومسلم، وله كذلك إسناد عزيز روى به أحاديث البخاري يعرف بسند المحمّدين، وقد أجاز بذلك عدداً من العلماء من تونس والجزائر والمغرب.
هذا إلى تحقيقاته وشروحه على مرويات الإمامين مالك بن أنس (كشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطا) وأبي عبدالله البخاري (النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح) التي استدرك فيها على الكثيرين من سابقيه.
أما رسوخ قدمه في الفقه وأصوله فيكفي شاهداً له كتاب (المقاصد) الذي بين أيدينا، وشرحه المسهب وتحقيقاته المتينة على كتاب تنقيح الفصول في الأصول للقرافي(١).

(١) _ يقول الميساوي: =العنوان الكامل لهذا الكتاب المهم هو: حاشية التوضيح والتصحيح لمشكلات التنقيح على شرح تنقيح الفصول في الأصول، وقد نَشَرَتْه في أربعة أجزاء مطبعةُ النهضة بتونس سنة ١٣٤١هـ.
وسنقوم بإعداده للنشر في القريب العاجل بعون الله _ تعالى _+.


الصفحة التالية
Icon