مخارجَ الحروف والصفات ليلفِظوا بأفصح اللغات
مُحرِّري التجويد والمواقف وما الذي رُسِمَ في المصاحف
من كل مقطوعٍ وموصولٍ بها وتاءِ أنثى لم تكن تكتبْ بها
* الشرح :-
( وبعد ) الحمدلة والصلاة فـ ( إن هذه مقدمة ) فهي أرجوزة لطيفة وذلك ( فيما ) يجب ( على قارئه ) أي قارئ القرآن ( أن يعلمه ) مما يعتبر في تجويده.
( إذ واجب عليهم ) أي القراء ( محتم قبل الشروع ) في القراءة ( أولاً ) تأكيد لقوله " قبل الشروع " ( أن يعلموا ) ما سيأتي في الأبيات التالية، وهو ثلاثة أقسام :-
١- فيجب أن يعلموا ( مخارج الحروف ) الهجائية ( والصفات ) التي للحروف وذلك ( لـ ) كي ( يلفظوا بأفصح اللغات ) وهي لغة العرب التي نزل القرآن بها.
٢- ويجب على قارئي القرآن تعلم مخارج الحروف والصفات حالة كونهم ( محرري التجويد ) ومحققيه وهذا هو القسم الثاني وهو تعلم التجويد كما سيأتي إن شاء الله من أحكام التفخيم والترقيق وأحكام النون الساكنة والتنوين والميم الساكنة والمدود ونحو ذلك.
٣- ( و ) أيضاً يجب عليهم تعلم المخارج والصفات حالة كونهم محرري ( المواقف ) أي محال الوقف ومحال الإبتداء ( و ) أيضاً ( ماالذي رسم ) أي كتب ( في المصاحف ) العثمانية ؛ فيتعلموا الذي رسم في المصاحف وهذا الذي رسم في المصاحف مما سيذكر في هذه المنظومة على نوعين :- الأول : المقطوع والموصول وأشار إليه بقوله ( من كل مقطوع وموصول بها ) أي فيها - يعني في المصاحف - والنوع الثاني : تاء التأنيث وأشار إليها بقوله ( وتاء أنثى لم تكن تكتب بها ) أي لم تكن تكتب بصورة الهاء كما هو المعهود بل تكتب بصورة التاء.
وهذا هو القسم الثالث مما سيذكر في هذه المنظومة المباركة وهو تعلم أحكام الوقف والإبتداء وما يلزم منهما من معرفة المقطوع والموصول وتاء التأنيث المكتوبة بالتاء المبسوطة والبداءة بهمزة الوصل والوقف على أواخر الكلم.
أ- بمعنى ضد الباطن كقوله تعالى ﴿ وذروا ظاهر الإثم وباطنه ﴾
ب- وبمعنى الإعانة كقوله تعالى ﴿ تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان ﴾
جـ- وبمعنى العلو كقوله تعالى ﴿ ليظهره على الدين كله ﴾
د- وبمعنى الظهار كما في آية المجادلة ﴿ الذين يظاهرون من نسائهم ﴾
١٢- ( لَظَى ) وذلك في موضعين ﴿ كلا إنها لظى ﴾ ﴿ فأنذرتكم ناراً تلظى ﴾
١٣- ( شُوَاظُ ) وذلك في موضع واحد وهو قوله تعالى ﴿ يرسل عليكما شواظ من نار ﴾
١٤- ( كَظْمٍ ) كقوله تعالى ﴿ والكاظمين الغيظ ﴾
١٥- ( ظَلَمَا ) كقوله تعالى ﴿ فتكونا من الظالمين ﴾
١٦- ( أُغْلُظْ ) كقوله تعالى ﴿ غليظ القلب ﴾
١٧- ( ظَلام ) كقوله تعالى ﴿ وتركهم في ظلمات ﴾
١٨- ( ظُفْرٍ ) بضم الظاء. وذلك في موضع واحد وهو قوله تعالى ﴿ حرمنا كل ذي ظفر ﴾
١٩- ( انْتَظِرْ ) من الانتظار بمعنى الارتقاب كقوله تعالى ﴿ قل انتظروا إنا منتظرون ﴾
٢٠- ( ظَمَا ) وذلك في ثلاثة مواضع ﴿ لا يصيبهم ظمأ ﴾ في التوبة وقوله تعالى في طه ﴿ وأنك لا تظمأ فيها ﴾ وقوله سبحانه ﴿ يحسبه الظمآن ماءً ﴾ في سورة النور
• ثم قال الناظم رحمه الله :-
أَظفرَ ظناً كيفَ جَا وعِظْ سِوَى عِضِينَ ظَلَّ النحلِ زخرفٍ سَوَا
وَظَلْتَ ظَلْتُمْ وَبِرُومٍ ظَلُّوا كالحجرِ ظلَّتْ شُعرا نَظَلُّ
• الشرح :-
٢١- ( أَظفرَ ) وذلك في موضع واحد في سورة الفتح ﴿ من بعد أن أظفركم عليهم ﴾
٢٢- ( ظناً ) كقوله تعالى ﴿ الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم ﴾.
- ثم قال بعد هذه الكلمة ( كيفَ جَا ) وهذه جملة معترضة تعود إلى كل الكلمات المذكورة السابقة فكلها كيف جاءت في تصاريفها فهي تكون بالظاء لا بالضاد.
- ثم أكمل الناظم الكلمات فقال :-
- وهو أقسام أجملَها الناظم بقوله ( والمد... أتى ) أي أن المد الزائد عن الطبيعي أتىعلى أقسام :-
الأول: المد الـ( لازم ) ( و ) الثاني : المد الـ( واجب ) وهو المد المتصل ( و ) الثالث: المد الـ( جائز ) ويدخل فيه المد المنفصل والعارض للسكون والبدل.
- ثم قال الناظم :( وهو ) أي المد ( و ) الـ ( ـقصر ثبتا ).
أولاً : المد اللازم
• قال الناظم رحمه الله :-
فلازمٌ إن جاءَ بعدَ حرفِ مَدّْ ساكنُ حالينِ وبالطولِ يُمَدّْ
• الشرح :
المد اللازم عرفه الناظم بقوله ( فلازمٌ إن جاءَ بعدَ حرفِ مَدْ ساكنُ حالينِ ) أي ساكن في حالي الوصل والوقف أي : أن المد اللازم هو أن يأتي بعد حرف المد حرف ساكن سكوناً لازماً في حالتي الوصل والوقف
- ثم بين الناظم حكم هذا المد فقال ( وبالطولِ يُمَدْ ) أي أنه يمد بمقدار ثلاث ألفات والألف تقدر بحركتين فيكون المد اللازم يمد بمقدار ست حركات وهذا الحكم متفق عليه بين القراء.
- ويشترط أن يكون حرف المد والسكون الأصلي في كلمة واحدة فإن تفرقا فليس مداً لازماً كقوله تعالى ﴿ وقالوا الْحمد لله ﴾ فهذا ليس بمدٍ لازم لأن حرف المد في كلمة والسكون الأصلي الذي على اللام في الكلمة الأخرى.
* والمد اللازم قسمين :-
١- كلمي : وهو أن يكون حرف المد والسكون في كلمة واحدة. وهو نوعين :-
أ- مُثَقَّل : وهو أن يكون بعد حرف المد حرف مشدد مثل ﴿ الحآقَّة ﴾
ب- مُخَفَّف : وهو أن يكون بعد حرف المد حرف غير مشدد مثل ﴿ ءالْئن ﴾ في سورة يونس.
٢- حرفي : وهو ما كان هحاؤه على ثلاثة أحرف أوسطها حرف مد يجمعها قولك [ كم عسل نقص ] وهو نوعين :-
أ- مُثَقَّل وهو أن يأتي بعد حرف المد حرف مدغم بما بعده مثل ﴿ الم ﴾ وذلك في اللام فإن هجاءها هكذا :[ لامْ مِّيم ] فحرف المد الألف بعده ميم مدعمة بالميم الأخرى.
• مسألة : نقل مالك رحمه الله الإجماع على عدم جواز تغيير كتابة رسم المصحف بغير الرسم العثماني، وأما ما نقل من الخلاف فهو عند المتأخرين، وأما كتابة بعض الآيات بالرسم الإملائي فهذا فيه خلاف حتى عند المتقدمين.
• ثم قال الناظم رحمه الله :-
فاقطعْ بعشرِ كلماتٍ ( أن لاَّ ) معْ ملجأَ ولا إله إلا
وتعبدوا ياسينَ ثانيْ هودَ لا يُشْرِكنَ تُشْرِكْ يَدْخُلَنْ تَعْلُوا علَى
أن لا يقولوا لا أقولَ..........................................................
• الشرح :
شرع الناظم في بيان الكلمات المقطوعة والموصولة، وقبل البداية بتلك الكلمات يتنبه لفعل الأمر الذي بقوله الناظم فإذا قال ( اقطع ) فاعلم أن ما بعدها مقطوع واستصحب هذا الفعل في كلمات أخرى إلى أن يأتي فعل أمر بعكسه فيقول ( صل ) فاعلم أن ما بعدها موصول أو يقول ( والوصل... ) أو نحو ذلك وهذه فائدة ترشدك إلى فهم الأبيات.
واعلم أيضاً أنه إذا قال ( اقطع ) فغير ما يذكر يكون في القرآن موصولاً والعكس أيضاً فإذا قال ( صل ) فغير ما يذكر مقطوع، وهذه فائدة أخرى.
• والكلمات مرتبة على ما يلي :-
الأولى :( أنْ لاَّ )
قال الناظم ( فاقطعْ بعشرِ كلماتٍ أن لاَّ ) أي اقطع كلمة ( أنْ ) وافصلها عن ( لا ) وذلك في عشرة مواضع :
١ - ( ملجأَ ) وذلك في قوله تعالى ﴿ وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ﴾ في سورة التوبة.
٢ - ( ولا إله إلا ) وذلك في قوله تعالى ﴿ وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون ﴾ في سورة هود، وهذا الموضع مقطوع بالاتفاق، وكان على الناظم أن يحترز من موضع الأنبياء في قوله تعالى ﴿ أن لا إله إلا أنت سبحنك ﴾ فقد اختلفت فيه المصاحف والعمل على كتابته مقطوعاً، وقد يعتذر للناظم عن ذلك بأنه ذكر الواو فإن موضع هود فيه [ وأن لا ] بخلاف موضع الأنبياء ففيه [ أن لا] بدون واو.
٢– والثانية التي في نفس الآية السابقة قوله تعالى ﴿ ورحمت ربك خير مما يجمعون ﴾ ولما كانت في موضعين من الزخرف عَدَّلَ بعض الفضلاء الشطر فقال :[ ورحمتا الزخرف بالتاء زبره ]
- وأما قول الناظم ( بالتَّا زَبَرَهْ ) أي كتبه عثمان رضي الله عنه، أي كتبت بالتاء المبسوطة.
٣- ( الاَعرافِ ) أي في سورة الأعراف في قوله تعالى ﴿ إن رحمت الله قريب من المحسنين ﴾.
٤– ( رُومٍ ) أي في سورة الروم في قوله تعالى ﴿ فانظر إلى آثار رحمت الله ﴾.
٥- ( هودَ ) أي في سورة هود في قوله تعالى ﴿ رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت ﴾.
٦– ( كافِ ) أي في سورة مريم الذي أولها ﴿ كهيعص ﴾ وذلك في قوله تعالى ﴿ ذكر رحمت ربك عبده زكريا ﴾.
٧– ( البقره ) أي في سورة البقرة في قوله تعالى ﴿ أولئك يرجون رحمت الله ﴾.
* وما عدا هذه المواضع السبعة فقد رسمت بالتاء المربوطة.
الكلمة الثانية :﴿ نعمت ﴾ : وذلك في المواضع التالية :
١– ( نِعمتُهَا ) الضمير يعود إلى قوله في البيت الأول ( البقرة ) ففي سورة البقرة في موضع واحد وردت التاء مفتوحة في قوله تعالى ﴿ واذكروا نعمت الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة ﴾ والذي دلنا على هذا الموضع من كلام الناظم قوله بعد قليل ( أخيرات ) أي الموضع الأخير مما فيه ( نعمت ) في البقرة، وما عداه فالتاء فيه مربوطة.
٢– ( ثلاثُ نحلٍ ) أي في سورة النحل وردت في ثلاثة مواضع لكن قيد الناظم ذلك بما سيأتي بعد قليل من قوله ( أخيرات ) أي أن آخر ثلاث مواضع في سورة النحل فيها التاء مفتوحة وهي :- قوله تعالى ﴿ وبنعمت الله هم يكفرون ﴾ وقوله سبحانه ﴿ يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها ﴾ وقوله تعالى ﴿ واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون ﴾، وما عداها في النحل فالتاء فيه مربوطة.


الصفحة التالية
Icon