القول الثاني : أن المخارج ستة عشر مخرجاً - وذلك بإسقاط مخرج الجوف - وهذا مذهب سيبويه واختاره الشاطبي.
القول الثالث : أن المخارج أربعة عشر مخرجاً - وذلك بإسقاط مخرج الجوف وجعل اللام والراء والنون مخرجاً واحداً - وهذا مذهب الفراء والمبرد وغيرهما.
• فائدة في كيفية معرفة مخرج الحرف :-
وذلك بأن تنطق بالحرف ساكناً أو مشدداً وتدخل عليه همزة الوصل فحيث انقطع صوته كان ذلك مكان مخرجه.
أولاً : مخرج الجوف
• قال الناظم رحمه الله :-
فألف الجوف وأختاها وهي حروف مد للهواء تنتهي
• الشرح :
- الجوف : هو الخلاء الواقع داخل الحلق والفم
- وحروفه ثلاثة - هي حروف المد - وهي :-
١- الألف [ ولا تكون إلا ساكنة مفتوح ما قبلها ] ٢- الواو الساكنة المضموم ما قبلها ٣- الياء الساكنة المكسور ما قبلها.
وإلى ذلك أشار الناظم بقوله ( فألف الجوف وأختاها ) أي فمخرج الألف الجوف وأيضاً هو مخرج أُختيها وهما الواو والياء بشرط أن تكونا ساكنتين وحركة ما قبلهما من جنسهما.
فقول الناظم ( وأختاها ) يدل على أن هناك واو وياء ليس مخرجهما من الجوف وهما اللتان لم ينطبق عليهما الشرط السابق وهو أن تكونا ساكنتين وحركة ما قبلها من جنسها [ فلا تكون الواو والياء أختين للألف إلا إذا ناسبا الألف لأن الألف ساكنة وحركة ما قبلها من جنسها – وهي الفتحة ]
ثم قال الناظم ( وهي حروف مد ) فهذه الحروف التي مخرجها الجوف تسمى : حروف مدية وأيضاً تسمى حروف جوفية.
ثم قال ( للهواء تنتهي ) فحروف المد تنتهي للهواء - أي للخارج - ولا تنتهي إلى حيِّزٍ أصلاً فلذلك هي تقبل المد إلى انقطاع الصوت.
وبناءً على ذلك : فمخرج الجوف مخرج تقديري ليس له حيز معين محقق تخرج منه هذه الحروف ومثال حروف الجوف كلمة ﴿ نُوحِيهَا ﴾ وكلمة ﴿ أُوتِينَا ﴾ فقد اجتمعت فيهما جميع حروف الجوف الثلاثة.
ثانياً : مخرج الحلق
• قال الناظم رحمه الله :-
٢٧- ( كُنْتَ فظاً ) وذلك في قوله تعالى ﴿ ولو كنت فظاً غليظ القلب ﴾ في سورة آل عمران.
٢٨- ( جميعَ النظرِ ) التي بمعنى الرؤية كقوله تعالى ﴿ وأنتم تنظرون ﴾ واستثنى المؤلف من هذه الحالة ما يأتي فقال ( إلا بويلٌ ) أي سورة المطففين فإن أولها ﴿ ويل للمطففين ﴾ وذلك في قوله تعالى ﴿ نضرة النعيم ﴾ بالضاد لا بالظاء.
واستثنى أيضاً ما في سورة ﴿ ( هل ) أتى على الإنسان ﴾ وذلك في قوله تعالى ﴿ نضرة وسروراً ﴾ فإنها بالضاد لا بالظاء. ( و ) استثنى أيضاً الـ ( أُوْلَى ) من كلمة ( ناضِرَهْ ) وذلك في سورة القيامة في قوله تعالى ﴿ وجوه يومئذٍ ناضرة • إلى ربها ناظرة ﴾ فالأولى بالضاد والثانية بالظاء.
وهذا الاستثناء في كلام الناظم منقطع فإن هذه الكلمات الثلاثة ( في المطففين والإنسان والقيامة ) هي بمعنى النضارة أي الحسن وأما ( النظر ) بالظاء لا بالضاد فهو بمعنى الرؤية كما سبق.
- ثم أكمل الناظم الكلمات التي فيها حرف الظاء في القرآن فقال :-
٢٩- ( الغَيْظُ ) كقوله تعالى ﴿ عضوا عليكم الأنامل من الغيظ ﴾.
- ثم قال الناظم ( لا الرعدُ ) أي لا تكون بالظاء بل بالضاد وهي قوله تعالى ﴿ وما تغيض الأرحام ﴾ ( و ) لا ( هود ) فلا تكون بالظاء بل بالضاد وهو قوله تعالى ﴿ وغيض الماء ﴾ فإن الغيض في هاتين الآيتين بمعنى النقصان، وعبر الناظم عن هذا المعنى ( أي النقصان ) بقوله ( قاصره ) ويحتمل أن معنى قول الناظم قاصرة أي قاصرة على آيتي الرعد وهود ففيهما بالضاد لا بالظاء.
٣٠- ( الحظُ ) بمعنى النصيب كقوله تعالى ﴿ أن لا يجعل لهم حظاً في الآخرة ﴾.
- ثم قال الناظم ( لا الحضُ على الطعامِ ) أي الحث على الإطعام كما في قوله تعالى ﴿ ولا يحض على طعام المسكين ﴾ في سورتي الحاقة والماعون، وقوله سبحانه وتعالى ﴿ ولا تحاضون على طعام المسكين ﴾ في سورة الفجر؛ فإن هذه المواضع الثلاثة فيها ( الحض ) بالضاد لا بالظاء.
- وقد اتفق القراء على اعتبار أثر الهمزة في حرف المد بحيث أنه يزيد على المد الطبيعي ولكن اختلفوا في مقدار هذه الزيادة فبعضهم ثلاث حركات وبعضهم أربع وبعضهم خمس وبعضهم ست، قال ابن الجزري في النشر " تتبعت قصر المتصل فلم أجده في قراءة صحيحة ولا شاذة " أهـ.
وأما عند حفص : فيمد المتصل بأربع حركات وهذا ما نص عليه الشاطبي، وزاد صاحب التيسير [ الذي هو أصل الشاطبية ] فقال : أو خمس حركات.
ويجوز المد إلى ست حركات عند الوقف وذلك إذا كانت الهمزة متطرفة لأنه دخل في المد العارض للسكون مثل ﴿ السمآء ﴾ عند الوقف عليها.
ثالثاً : المد الجائز
• قال الناظم رحمه الله :-
وجائزٌ إذا أتى منفصِلاَ أو عَرَضَ السكونُ وَقْفاً مُسْجَلاَ
• الشرح :-
ثم يلي المد الواجب المد الجائز وسمي جائزاً لأنه يجوز مده وقصره وهو على ثلاثة أقسام :-
١- المد المنفصل :
وهو أن يقع بعد حرف المد همز منفصل عنه في كلمة أخرى مثل ﴿ إنآ أعطيناك ﴾ ومثل ﴿ وفي أنفسكم ﴾.
- وحكم مده كما قال الناظم ( وجائز ) أي يجوز مد حرف المد ( إذا أتى ) حرف المد ( منفصلاً ) عن الهمز بكلمة أخرى.
- ومقدار مده : أربع حركات وهذا هو الأشهر وهو الذي نص عليه الشاطبي ولم يذكر غيره، ويجوز مده بثلاث حركات ويسمى فويق القصر.
- ويجوز أيضاً قصر المنفصل إلى حركتين ورواية القصر ليست من طريق الشاطبية بل من طريق طيبة النشر لابن الجزري ؛ أما من طريق الشاطبية فليس فيه قصر المنفصل.
٢- المد العارض للسكون :
وهو أن يقع بعد حرف المد أو بعد حرف اللين ساكن عارض لأجل الوقف. مثل ﴿ العالمِينْ ﴾ ﴿ خَوفْ ﴾ عند الوقف عليهما.
- وحكم مده جائز كما قال الناظم ( أو عَرَضَ السكونُ وَقْفاً ) أي عرض السكون في حالة الوقف ( مُسْجَلا ) أي مطلقاً [ يعني سواءً كان سكوناً محضاً أو إشمام، أما في الروم فحكمه حكم الوصل ].
الثالثة :( أمْ مَّا )
-( و ) أما ( المفتوح ) الهمزة فـ ( صل ) أي أن ( أمْ مَّا ) دائماً في القرآن موصولة فتكتب هكذا [ أمَّا ] نحو قوله تعالى ﴿ أمَّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين ﴾ في الأنعام.
الرابعة :( عنْ مَّا )
-( و ) أما قوله تعالى ﴿ فلما عتوا ( عن ما نهوا ) عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين ﴾ في سورة الأعراف فـ ( ـا قطعوا ) أيها القراء كلمة ( عن ) عن كلمة ( ما ) في هذا الموضع فقط وما عداه فإنها موصولة نحو قوله تعالى ﴿ عمّا يقولون ﴾ ﴿ عمّا يشركون ﴾ ﴿ عمّا قليل ﴾ وغيرها.
الخامسة :( منْ مَّا )
- واقطعوا أيضاً كلمة ( منْ ) عن كلمة ( مَّا ) وذلك في ثلاثة مواضع :-
١– قوله تعالى ﴿ هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء ﴾ وذلك في سورة الـ( ـروم ) وأما الموضع الأول منها فإنه موصول وهو قوله تعالى ﴿ وعمروها أكثر مِمَّا عمروها ﴾ وهذا مما يستدرك على الناظم وقد استدرك بعض الفضلاء على هذا الشطر فقال تعديلاً له :" نهوا اقطعوا من ما ملك روم النسا "
٢– قوله تعالى ﴿ فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات ﴾ وهذا في سورة ( النساء ) وهذا أيضاً مما يستدرك على الناظم فإن [ مما ] جاءت في سورة النساء في أربعة عشر موضعاً كلها موصولة إلا في هذا الموضع وسبق تعديل بيت الناظم بقول بعضهم :" نهوا اقطعوا من ما ملك روم النسا ".
٣- قوله تعالى ﴿ وأنفقوا من ما رزقناكم ﴾ في سورة المنافقين
-ولكن الـ( ـخلف ) في الموضع الذي في سورة ( المنافقين ) السابق ذكره قد ثبت ففي بعض المصاحف مقطوع وفي بعضها موصول [ وعندنا في مصحف المجمَّع مقطوعة ]
* وما عدا هذه المواضع الثلاثة فإنها موصولة فتكتب [ مِمَّا ] كما في قوله تعالى ﴿ ذلك مِمَّا أوحى إليك ربك ﴾ في الإسراء.
السادسة :( أمْ مَّن )
- واقطعوا أيضاً كلمة ( أم ) عن كلمة ( من ) وذلك في أربعة مواضع :-
١– ( أسسا ) أي في قوله تعالى ﴿ أم من أسس بنيانه ﴾ في سورة التوبة.
١– ( لَعْنَتَ بِها ) الضمير يعود إلى سورة آل عمران وهذا الموضع هو في قول الله تعالى ﴿ ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين ﴾، وهناك موضع آخر في سورة آل عمران وهو قوله تعالى ﴿ أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله ﴾ وهذا الموضع لم يحترز منه المؤلف لأنه كتب بالتاء المربوطة فكان لِزَاماً أن يُقَيَّد في النظم، ولذلك قيد بعض الفضلاء هذا الشطر بقوله [ عمران نجعل لعنت بها والنور ].
٢– ( والنورِ ) أي في سورة النور في قوله تعالى ﴿ والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين ﴾
* وما عداهما فمرسوم بالتاء المربوطة.
• ثم قال الناظم رحمه الله :-
و ( امرأتٌ ) يُوسفَ عِمرانَ الْقَصَصْ تحريمُ ( معصيتْ ) بقدْ سَمِعْ يُخَصْ
• الشرح :
الكلمة الرابعة :﴿ امرأتٌ ﴾ : وذلك في المواضع التالية :-
١– ( يُوسفَ ) أي في سورة يوسف في قوله تعالى ﴿ امرأت العزيز ﴾ وقد أتت في موضعين في السورة
٢– ( عِمرانَ ) أي في سورة آل عمران في قوله تعالى ﴿ إذ قالت امرأت عمران ﴾.
٣- ( الْقَصَصْ ) أي في سورة القصص في قوله تعالى ﴿ وقالت امرأت فرعون ﴾.
٤– ( تحريمُ ) أي في سورة التحريم وذلك في ثلاث مواضع منها وهي ﴿ امرأت نوح وامرأت لوط ﴾ ﴿ امرأت فرعون ﴾.
-والقاعدة في كلمة [ امرأت ]: أن كل امرأة أضيفت لزوجها فالتاء فيها مبسوطة ومن لطيف ما يذكر ما قَعَّدُوه هنا فقالوا :[ كل امرأة بزوجها مبسوطة ].
الكلمة الخامسة :﴿ معصيتْ ﴾: وقد وردت في موضعين في سورة المجادلة ﴿ ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول ﴾ ﴿ فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول ﴾، وإلى هذا أشار الناظم بقوله ( بقدْ سَمِعْ يُخَصْ ) أي أن كلمة معصيت بالتاء المفتوحة لم ترد إلا في سورة قد سمع.
• ثم قال الناظم رحمه الله :-
( شَجرتُ ) الدخانِ ( سُنَّتْ ) فاطرِ كُلاًّ والاَنْفَالِ وأُخْرَى غَافِرِ
• الشرح :
الكلمة السادسة :﴿ شجرت ﴾ :