…وليس معنى هذا أن التفسير هو عين التأويل لغة، فقد أثبتت الدراسات اللغوية أن الترادف لا يعني التماثل والتوافق التام في المعنى، بل هناك تشابه في المعنى العام، مع وجود فروق دقيقة لابد من التنبيه إليها. ومن ثم يمكن القول إن التفسير يرتبط بتفسير الأمور الحسية في الغالب. أما التأويل فيستعمل ـ غالبا ـ في الأمور التي تحتاج إلى إعمال الفكر والنظر.
…وقد نبه الراغب الأصفهاني (ت٥٠٢هـ) إلى ذلك حيث قال :" والتفسير أعم من التأويل، وأكثر ما يستعمل التفسير في الألفاظ، والتأويل في المعاني، كتأويل الرؤيا والتأويل يستعمل أكثره في الكتب الإلهية والتفسير يستعمل فيها وفي غيرها، والتفسير أكثره يستعمل في مفردات الألفاظ، والتأويل أكثره يستعمل في الجمل"(١).
التفسير والتأويل اصطلاحا :
…بسط العلماء القول في تعريف التفسير اصطلاحا، ولعل أجمع أقوالهم ما أثبته الزرقاني في كتابه "مناهل العرفان في علوم القرآن " حيث قال :" والتفسير في الاصطلاح : علم يبحث فيه عن القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية "(٢).
…ويستعان في التفسير ببعض العلوم المساعدة كعلم اللغة والقراءات، والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول، والفقه وأصول الفقه، مع الإلمام بأصول الدين وقواعده. ويؤكد هذا المعنى قول الزركشي عند تعريفه لمصطلح التفسير فهو " علم نزول الآية وسورتها وأقاصيصها والإشارات النازلة فيها، ثم ترتيب مكيها ومدنيها ومحكمها ومتشابهها، وناسخها ومنسوخها، وخاصها وعامها، ومطلقها ومقيدها، ومحكمها ومفسرها.
وزاد فيها قوم فقالوا : علم حلالها وحرامها. ووعدها ووعيدها، وأمرها ونهيها، وعبرها وأمثالها "(١).


الصفحة التالية
Icon