…وأما مصطلح التأويل فمصطلح مشكل، ذلك أن استعمالاته تختلف من قرن لآخر، ومن قوم إلى آخرين، ومن بيئة ثقافية إلى أخرى، ومن ثم تعددت وتنوعت تعريفاته. فمنها ما يفتقر إلى الدقة العلمية، ومنها ما يتسم بالتدقيق والتحديد التام الذي يصبح معه دلالة المصطلح واضحة جلية.
…والتأويل كما يوضح ابن تيمية ينبغي في تحديد دلالته الإصطلاحية بالتفريق بين جيلين :
١- السلف الصالح.
٢- متأخري المتفقهة والمتكلمة والمحدثة والمتصوفة ونحوهم.
فعند الأوائل نجد له معنيين :
١- تفسير الكلام وبيان معناه، سواء أكان موافقا لظاهره أم مخالفا له، ومن ثم يكون التأويل والتفسير شيئا واحدا، أي مترادفين.
…وهذا هو المعنى نفسه الذي استعمله محمد بن جرير الطبري (ت٣١٠هـ) حيث يقول عند تفسيره لآي الذكر الحكيم : القول في تأويل قوله كذا وكذا. واختلف أهل التأويل في هذه الآية ونحو ذلك. وكله محمول -كما أسلفنا - على التفسير والبيان.
٢- هو نفس المراد بالكلام، فإذا كان الكلام عن طلوع الشمس فالتاويل هو نفس طلوعها، أي هو نفس الحقيقة الموجودة في الواقع الخارجي، وهذا في نظر ابن تيمية -رحمه الله- هو لغة القرآن التي نزل بها.
أما عند متأخري المتفقهة والمتكلمة والمحدثة والمتصوفة : فالتأويل هو صرف اللغظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به(١). وهذا التأويل هو الذي نجد المتكلمين قد استعملوه في معظم كتبهم، ويتجلى ذلك في موقفهم من آيات الصفات. ومن ثم يتضح لنا أن القول بالباطن هو الأساس الذي جعلهم يقصرون دلالة التأويل على هذا المعنى.