…والمناهج التفسيرية ـ حسب ما يتضح لنا من استعراض المراحل التاريخية للتفسير ـ تختلف باختلاف ما يستعين به المفسر من أدوات علمية مساعدة، وهي التي يسميها العلماء بعلوم الآلة. كما أنها تختلف باختلاف مصادر التفسير، وباختلاف الاتجاه الفكري والسياسي، واختلاف الواقع المعيشي لمفسر الذكر الحكيم، وهذا هو ما سنحاول الكشف عنه عند تحليلنا لأهم تفاسير الذكر الحكيم الحديثة.
منهج أهل السنة في التفسير :
وضع ابن تيمية -رحمه الله- في رسالته "مقدمة في أصول التفسير" أصلا هاما يعتمد عليه في نقد تفاسير القرآن الكريم في كل زمان ومكان. وذلك أن هذا الأصل يعتبر من الثوابت التي لا تتغير والتي تعتبر معلما من معالم المنهج السني، سواء أكان الأمر يتعلق بعلم التوحيد أم بالتفسير أم بالفقه، وقد سطره ابن تيمية في مقدمة رسالته حتى يكون المقياس الذي يميز به الغث من السمين، ويفرق به بين الحق والباطل.
…وهذا الأصل ينص على أن نقد النصوص يتوقف على أمرين لا ثالث لهما. فالعلم إما أن يؤخذ من مشكاة النبوة وهو الحق الأبلج والحجة البالغة، وإما رأي واجتهاد يقوم عليه دليل من العقل أو النقل. وقد نص ابن تيمية على هذا الأصل الهام باختصار شديد حيث قال: " والعلم إما نقل مصدق عن معصوم، وإما قول عليه دليل معلوم. وما سوى هذا فإما زيف مردود، وإما موقوف لا يعلم أنه بهرج ولا منقود"(١).
…وبناء على هذا الأصل يبين ابن تيمية أن الإختلاف في التفسير على نوعين، ذلك حسب الأصول التي يستند إليها المفسرون وهي إما نقلية أو عقلية :
النقل :
وهو إما أن يكون عن معصوم أو عن غير معصوم، وهذا بذاته يفرعه ابن تيمية إلى قسمين :
١- ما يتوصل إلى معرفة صحته فيؤخذ به مطلقا ولا يجوز تجاوزه إلى غيره.