٣- ما يكون من قبيل المشترك اللفظي، أو ما كان متواطئا في الأصل وأريد به أحد النوعين، وما كان ذلك شأنه فقد تحمل عليه أقوال السلف كلها، وقد تحمل :" ومن الأقوال الموجودة عنهم ويجعلها بعض الناس اختلافا أن يعبروا عن المعاني بألفاظ متقاربة لا مترادفة، فإن الترادف في اللغة قليل، وأما في ألفاظ القرآن فإما نادر وإما معدوم، وقل أن يعبر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدي جميع معناه، بل يكون فيه تقريب لمعناه وهذا من أسباب إعجاز القرآن، فإذا قال القائل:﴿ يوم تمور السماء مورا ﴾(١): إن المور هو الحركة كان تقريبا، إذ المور حركة خفيفة سريعة، وكذلك إذا قال : الوحي الإعلام، أو قيل : أوحينا إليك انزلنا إليك، أو قيل :﴿ وقضينا إلى بني إسرائيل ﴾(٢) أي أعلنا وأمثال ذلك، فهذا كله تقريب لا تحقيق"(٣).
٤- معرفة أسباب النزول: فقد يذكر كل واحد من السلف سببا لنزول الآية أو السورة غير ما يذكره الآخر، وكلاهما صادق فيما أخبر به، إذ قد تكون نزلت عقب تلك الأحداث كلها فاعتقد كل واحد منهم أنها نزلت في حادثة معينة، أو قد تكون نزلت مرتين أو أكثر لأسباب مختلفة :" ومعرفة سبب النزول تعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب، وإذ ذكر أحدهم لها سببا نزلت لأجله، وذكر الآخر سببا فقد يمكن صدقهما بأن تكون نزلت عقب تلك الأسباب، أوتكون نزلت مرتين، مرة لهذا السبب، ومرة لهذا السبب"(٤).
…أما بالنسبة لاختلاف السلف في الأحكام فقد بين ـ أي ابن تيمية ـ أن اختلافهم ذلك لم يكن عن قصد ولا عن تعنت وحب ظهور، ولا عن إعراض عن كتاب الله وسنة نبيه، بل هو راجع إلى أمور خارجة عن إرادتهم، ولا دخل لهم فيها إطلاقا، وقد يمكن رد اختلاف السلف في الأحكام إلى أربعة أسباب:
…أ- خفاء الدليل.
…ب- عدم سماع الدليل.
…ح- الغلط في فهم النص.
…د- اعتقاد معارض راجح.