…وافحاما لهؤلاء جميعا، وإقامة للحجة عليهم يبين ابن تيمية أن دعواهم -بأن أسماء الله وصفاته من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله- لا أساس لها من الصحة ولا سند لها، ومن ثم فهي محض افتراء، وادعاء باطل وقول مبتدع، وحادث في الملة :"وأما إدخال أسماء الله وصفاته أو بعض ذلك في المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله، أو اعتقاد أن ذلك هو المتشابه الذي استأثر الله بعلم تأويله... من قال إن هذا من المتشابه وأنه لا يفهم معناه، فنقول : أما الدليل على بطلان ذلك فإني ما أعلم عن أحد من سلف الأمة، ولا من الأئمة لا أحمد ابن حنبل ولا غيره، أنه جعل ذلك من المتشابه الداخل في هذه الآية، ونفى أن يعلم أحد معناه، وجعلوا أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لا يفهم، ولا قالوا : إن الله ينزل كلاما لا يفهم أحد معناه، وإنما قالوا كلمات لها معان صحيحة، قالوا في أحاديث الصفات : تمر كما جاءت، ونهوا عن تأويلات الجهمية وردوها وأبطلوها التي مضمونها تعطيل النصوص عما دلت عليه، ونصوص أحمد والأئمة قبله بينة في أنهم كانوا يبطلون تأويلات الجهمية ويقرون النصوص على ما دلت عليه من معناها، ويفهمون منها بعض ما دلت عليه، كما يفهمون ذلك في سائر نصوص الوعد والوعيد، والفضائل، وغير ذلك "(١).
المرحلة الثانية :