…ويفصل الإمام الغزالي القول في ذلك فيقول :"وأما النهي فإنه ينزل على أحد وجهين (أحدهما) : أن يكون له في الشيء رأي، وإليه ميل من طبعه وهواه فيتأول له من القرآن ذلك المعنى، وهذا تارة يكون من العلم كالذي يحتج ببعض آيات القرآن على تصحيح بدعته، وهو يعلم أنه ليس المراد بالآية ذلك، ولكن يلبس به على خصمه، وتارة يكون مع الجهل برأيه وهواه، فيكون قد فسر برأيه، أي رأيه هو الذي حمله على ذلك التفسير، ولولا رأيه لما كان يترجح عنده ذلك الوجه، وتارة قد يكون له غرض صحيح فيطلب له دليلا من القرآن ويستدل عليه بما يعلم أنه ما أريد به. فهذه الفنون أحد وجهي المنع من التفسير بالرأي، ويكون المراد بالرأي الرأي الفاسد الموافق للهوى دون الاجتهاد الصحيح، والرأي يتناول الصحيح والفاسد، والموافق للهوى قد يخصص باسم الرأي.
…والوجه الثاني: أن يتسارع إلى تفسير القرآن بظاهر العربية، من غير استظهار بالسماع والنقل فيما يتعلق بغرائب القرآن، وما فيه من الألفاظ المهمة والمبدلة، وما فيه من الاختصار والحذف، والإضمار والتقديم والتأخير، فمن لم يحكم ظاهر التفسير وبادر إلى استنباط المعاني بمجرد فهم العربية كثر غلطه، ودخل في زمرة من يفسر بالرأي" (١).
…وهذه الأسباب التي تحدث عنها الإمام الغزالي كلها أسباب خارجية وليست نصية، أي أنها غير نابعة من النص، بل هي أخطاء منهجية بتجاوزها إلى قواعد منهجية علمية وسليمة قد يصبح التأويل مقبولا من الناحية الشرعية أولا، ومن الناحية العقلية المنطقية ثانيا.
رابعا: مرتكزات التفريق بين نوعي التأويل عند الراغب الأصفهاني (ت ٥٠٢هـ) :


الصفحة التالية
Icon