…ويختم الزركشي حديثه عن المنهج السني المقترح لتفسير الذكر الحكيم بالنص على أن معرفة أسباب النزول أداة منهجية عظيمة، تمكن الباحث من الوقوف على الظروف والملابسات المواكبة لنزول القرآن الكريم، مما يجعله يعيش في بيئة القرآن ساعة نزوله، وكل ذلك يساهم في إذكاء التفاعل مع الخطاب القرآني، بحيث تتفجر معانيه، وتتفتق غرره، وتتكف درره. وفي ذلك يقول :" معرفة النزول، وهو من أعظم المعين على فهم المعنى، وسبق منه في أول الكتاب جملة، وكانت الصحابة والسلف يعتمدونه، وكان عروة بن الزبير قد فهم من قوله ( :﴿ فلا جناح عليه أن يطوف بهما ﴾(١) أن السعي ليس بركن، فردت عليه عائشة ذلك وقالت : لو كان كما قلت، لقال :" فلا جناح عليه ألا يطوف بهما " وثبت أنه إنما أتى بهذه الصيغة، لأنه كان وقع فزع في قلوب طائفة من الناس كانوا يطوفون قبل ذلك بين الصفا والمروة للأصنام. فلما جاء الإسلام كرهوا الفعل الذي كانوا يشركون به، فرفع الله ذلك الجناح من قلوبهم، وأمرهم بالطواف. رواه البخاري في صحيحه، فثبت أنها نزلت ردا على ما كان يمتنع من السعي(٢) ".


الصفحة التالية
Icon