…والملاحظ أن تناول الإمام الزركشي لقضية المنهج السني المقترح في تفسير القرآن الكريم يتسم بالإحاطة والشمول، بحيث يلم بدراسة القضايا من كل أطرافها. فيبدأ بالطرح النظري، ثم يعقبه بضرب الأمثال، فيكتمل بناء النموذج المقترح نظريا وتطبيقيا. وأما الراغب الأصفهاني فيضع أيدينا على منهج في التأويل يمكن أن يجنبنا الاختلاف والفرقة في تأويل النصوص المشكلة، وذلك حيث يقول :" والوجوه التي يعتبر فيها تحقيق أمثالها أن ينظر فإن كان ما ورد فيه ذلك أمرا أو نهيا عقليا فزع في كشفه إلى الأدلة المعقلية، فقد حث تعالى على ذلك في قوله(: ﴿ كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب ﴾(١). وإن كان أمرا شرعيا فزع في كشفه إلى آية محكمة أو سنة مبينة. وإن كان من الأخبار الاعتقادية فزع إلى الحجج العقلية. وإن كان من الاعتبارية فزع إلى الأخبار الصحيحة المشروحة في القصص"(٢).
…ومن هنا نستخلص أن من أول مهمات المفسر ـ خاصة فيما يتعلق بالنصوص المشكلة ـ دراسة النصوص دراسة داخلية نصية تمكنه من تحديد طبيعتها، لأن ذلك كفيل بإرشادنا إلى المنهج الذي يتعين علينا أن ندرسها به، وبذلك يكون تفسيرنا منهجيا وعلميا وموضوعيا في الوقت نفسه.
(١) سورة القمر، الآية ١٧.
(٢) سورة ص : آية ٢٩.
(١) سورة محمد : آية ٢٤.
(٢) مجموعة فتاوي شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، جمع وترتيب المرحوم عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، المجلد ١٣ ص ٥٨/٥٩ مكتبة المعارف. الرباط المغرب.
(١) مقاصد القرآن الكريم : الإمام حسن البنا، ج١، ص ٧. دار الشهاب ١٣٩٩هـ / ١٩٧٩م.
(١) سورة الأنعام : آية ٨٢.
(٢) صحيح مسلم : بشرح النووي، كتاب الإيمان، باب صدق الإيمان وإخلاصه تحقيق وإشراف عبد الله محمد أبو زينة. دار الشعب - القاهرة د. ت ج ١. ص ٣٢٩. الحديث رقم ١٨٤.
(٣) سورة لقمان : آية ١٣.