إن فهم الوعد والوعيد والترغيب والترهيب والعلم بالله واليوم الآخر لا يشترط له فهم المصطلحات العلمية الدقيقة من نحوية وبلاغية وأصولية وفقهية. فمعظم القرآن بين واضح ظاهر يدرك معناه الصغير والكبير، والعالم والأمي، فحينما سمع الأعرابي قول الله تعالى :﴿فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالأرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ﴾ [(٢٣) سورة الذاريات] قال : من ذا الذي أغضب الجليل حتى أقسم. وحينما أخطأ إمام في قراءة آية النحل ﴿ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ [(٢٦) سورة النحل ] قرأها من تحتهم صوب له خطأه امرأة عجوز لا تقرأ ولا تكتب، إن القرآن بين واضح ظاهر وفهمه وفقهه وتدبره ليس صعبا بحيث نغلق عقولنا ونعلق فهمه كله بالرجوع إلى كتب التفسير، فنعمم حكم الأقل على الكل فهذا مفهوم خاطئ وهو نوع من التسويف في تدبر القرآن وفهمه.
إن إغلاق عقولنا عن تدبر القرآن بحجة عدم معرفة تفسيره، والاكتفاء بقراءة ألفاظه مدخل من مداخل الشيطان على العبد ليصرفه عن الاهتداء به.
وإذا سلمنا بهذه الحجة فإن العقل والمنطق والحزم والحكمة أنك إذا أشكل عليك معنى آية أن تبادر وتسارع للبحث عن معناها والمراد بها لا أن تغلق عقلك فتقرأ دون تدبر أو تترك القراءة.
((((.
المبحث الأول: القرآن والقلب
المطلب الأول: القلب آلة فهم القرآن…
الكلام في هذا المطلب - بإيجاز - من وجهين :
الأو ل: أن آلة فهم القرآن هو القلب.
الثاني : أن القلب بيد الله وحده لا شريك له.
فأما الوجه الأول :