والمشتغل بحفظ القرآن تجده يقرأ القرآن ليثبت الحفظ، الهدف تثبيت الحروف وصور الكلمات فتجده تمر به المعاني العظيمة المؤثرة فلا ينتبه لها ولا يحس ولا يشعر بها لأنه قصر همته وركز ذهنه على الحروف وانصرف عن المعاني. فهذا السبب في أنك قد تجد حافظا للقرآن غير عامل ولا متخلق به.
وجمع الذهن بين اتجاهات ومقاصد متعددة في وقت واحد عملية تحتاج إلى انتباه وقصد وتركيز.
وفي أي عمل نعمله كلما تعددت النيات وكثرت كلما كان العمل أعظم أجرا وأكبر تأثيرا على العامل، مثل الصدقة على ذي الرحم : صدقة وصلة، ومثل النفقة على الأهل : نفقة وصدقة.
وقراءة القرآن يجتمع فيها خمس مقاصد ونيات كلها عظيمة وكل واحدة منها كافية لأن تدقع المسلم أن يسارع لقراءة القرآن ويكثر الاشتغال به وصحبته، وأهداف قراءة القرآن مجموعة في قولك :( ثم شع )
الثاء : ثواب.
الميم : مناجاة، مسألة
الشين : شفاء.
العين : علم
العين : عمل
فمتى قرأ المسلم القرآن مستحضرا المقاصد الخمسة معا كان انتفاعه بالقرآن أعظم، وأجره أكبر، قال النبي ' :" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " (١٥). فمن قرأ القرآن يريد العلم رزقه الله العلم، ومن قرأه يريد الثواب فقط أعطي الثواب. قال ابن تيمية رحمه الله :" من تدبر القرآن طالبا الهدى منه تبين له طريق الحق " (١٦)وقال القرطبي :" فإذا استمع العبد إلى كتاب الله تعالى وسنة نبيه ' بنية صادقة على ما يحب الله أفهمه كما يجب، وجعل في قلبه نورا"هـ(١٧)
المطلب الأول : قراءة القرآن لأجل العلم


الصفحة التالية
Icon