وقال الحسن :" قراء القرآن ثلاثة أصناف : صنف اتخذوه بضاعة يأكلون به، وصنف أقاموا حروفه، وضيعوا حدوده واستطالوا به على أهل بلادهم واستدروا به الولاة كثر هذا الضرب من حملة القرآن لا كثرهم الله، وصنف عمدوا إلى دواء القرآن فوضعوه على داء قلوبهم فركدوا به في محاريبهم وحنوا به في برانسهم واستشعروا الخوف فارتدوا الحزن فأولئك الذين يسقي الله بهم الغيث وينصر بهم علىالأعداء والله لهؤلاء الضرب في حملة القرآن أعز من الكبريت الأحمر " اهـ (٢٦)
قال أحمد بن أبي الحواري :"إني لأقرأ القرآن وانظر في آيه فيحير عقلي بها واعجب من حفاظ القرآن كيف يهنيهم النوم ويسعهم أن يشتغلوا بشئ من الدنيا وهم يتلون كلام الله أما إنهم لو فهموا ما يتلون وعرفوا حقه فتلذذوا به واستحلوا المناجاة لذهب عنهم النوم فرحا بما قد رزقوا " (٢٧)
العلم الذي نريده من القرآن :
ما العلم الذي نريده من القرآن ؟أهو علم الصناعة ؟ أو الزراعة ؟ الإدارة ؟ علم الدين ؟ علم الدنيا ؟
يجيب ابن القيم على هذه المسألة المهمة بأبيات جميلة يقول فيها :

والعلم أقسام ثلاث ما لها من رابع والحق ذو تبيان
علم بأوصاف الإله وفعله وكذلك الأسماء للرحمن
والأمر والنهي الذي هو دينه وجزاؤه يوم المعاد الثاني
والكل في القرآن والسنن التي جاءت عن المبعوث بالقرآن
إننا نريد العلم الذي يحقق لنا النجاح في الحياة، يحقق لنا السعادة والحياة الطيبة، والنفس المطمئنة. والرزق الحلال الواسع، ويحقق لنا الأمن في الدنيا والآخرة، نريد العلم الذي يولد الإرادة والعزيمة، ويقضي على كل مظاهر الفشل والإخفاق في جميع مجالات الحياة إنه : العلم بالله تعالى والعلم باليوم الآخر، وعلم الأمر والنهي ؛ هذه الأقسام الثلاثة التي ذكرها ابن القيم.


الصفحة التالية
Icon