يقول الدكتور محمد التكريتي :" لو كان ملتون أريكسون(٣١) يعرف العربية وقرأ القرآن لوجد ضالته المنشودة فيما حاول أن يصل إليه من استخدام اللغة في التأثير اللاشعوري في الإنسان، ذلك التأثير الذي يشبه السحر وما هو بسحر فقد سحر العرب مؤمنهم وكافرهم على حد سواء ولم يكونوا في بداية الأمر يعرفون سببا لذلك " اهـ (٣٢)
وهنا دعوة أوجهها إلى كل من اشتغل بهذا العلم - بحثا عن السعادة والقوة والنجاح أن يبحث عنها في القرآن وأن يركز جهوده وفكره لربط الناس بالقرآن العظيم الذي أنزل من أجل تحقيق القوة والسعادة للناس وتحريرهم من عبودية الشهوات والأهواء وجميع نقاط ضعفهم لينطلقوا في درجات القوة والنجاح في أرقى أشكالها وأعلى صورها.
وليس مقصود البحث بسط الكلام في هذه المسألة وإنما تعرضت لها لعلاقتها بالتدبر ولأنها من أبرز المظاهر التي تؤكد أهمية معرفة مفاتح تدبر القرآن والانتفاع به في الحياة(٣٣
وقفة مع آية :
وهي قول الله تعالى :﴿لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ﴾ [(١٦٤) سورة آل عمران]
إن تزكية الإنسان وإصلاحه له جهتان :
الأولى : العلم والتعليم أو الفكر والمنطق والحجة والمعتقدات.... الخ من المصطلحات في هذا المعنى.
الثانية : العمل أو التربية أو التدريب أو السلوك... الخ من المصطلحات.
والقرآن الكريم يحقق الأمرين معا بأكمل وجه وأحسن صورة لمن آمن به وسلك الأسباب الموصلة لذلك.
إن القرآن الكريم بحق هو كتاب التربية والتعليم الذي يغني عما سواه، ولا يغني غيره عنه.
ولقد أجاد ابن القيم في كتابة مفتاح دار السعادة في بيان هاتين الجهتين والعلاقة بينهما.