أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة _ أنه سمع النبي ' يقول :" ما أذن الله لشئ ما أذن لنبي حسن الصوت يجهر بالقرآن " (٤٤) ومعنى : أذن. أي : استمع، وأخرج ابن ماجه عن فضالة بن عبيد قال : قال رسول الله ' :" لله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن يجهر به من صاحب القينة إلى قينته "(٤٥)، وعن عبد الله بن المبارك قال : سألت سفيان الثوري قلت : الرجل إذا قام إلى الصلاة أي شئ ينوي بقراءته وصلاته ؟ قال : ينوي أنه يناجي ربه "(٤٦)، وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن البياضي أن رسول الله ' خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال : إن المصلي يناجي ربه عزوجل فلينظر ما يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن"(٤٧)، وقال قتادة : ما أكلت الكراث منذ قرأت القرآن "(٤٨)، وقال أبو مالك: إن أفواهكم طرق من طرق الله تعالى فنظفوها ما استطعتم قال : فما أكلت البصل منذ قرأت القرآن " (٤٩)
فالمسلم عند قراءته للقرآن عليه أن يستحضر هذا المقصد العظيم لكي يشعر بلذة القراءة حينما يستحضر أن الله يراه ويستمع لقراءته وهو يقرأ ويمدحه ويثني عليه ويباهي به ملائكته المقربين.
إن أحدنا لو ظن أن رئيسه، أو والده أو أميرا ينظر إلى قراءته ويمدحه لاجتهد في ذلك، فكيف والذي يستمع إليه ويثني عليه ملك الملوك الذي له ما في السموات ومافي الأرض وما بينهما وما تحت الثرى.
فالقارئ يستشعر أنه يخاطب الله مباشرة والله تعالى يسمعه، فإذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بآية فيه وعيد استعاذ، وإذا مر بسؤال سأل.
هذا ما أعنيه بالمناجاة.... عن حذيفة _ قال :" صليت مع النبي ' ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت يركع عند المائة ثم مضى، فقلت يصلي بها في ركعة فمضى، فقلت يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلا إذا مر بآية فيها بتسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ " (٥٠)


الصفحة التالية
Icon