الأولى أن يكون تحزيب القرآن وتقسيمه على السور- قدر الإمكان - بمعنى أن تقرأ السورة في الليلة الواحدة كاملة، وأن يكون التقسيم والتوزيع متوافقا مع نهايات السور، وهذا هو السنة، وعليه عمل الصحابة والتابعين، أما الأحزاب والأجزاء والأثمان المعروفة اليوم فلم تأت إلا متأخرة، علاوة على ما فيها من بتر للمعاني وتقطيع للسور. ومن أراد تفصيل القول في هذه المسألة فليراجع ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الجزء الثالث عشر.
االمطلب الرابع : أن تكون القراءة حفظا
مثل حافظ القرآن وغير الحافظ : مثل اثنين في سفر الأول زاده التمر، والثاني زاده الدقيق، فالأول يأكل متى شاء وهو على راحلته، والثاني لا بد له من نزول وعجن وإيقاد نار وخبز وانتظار نضج.
والعلم مثل الدواء لا يؤثر حتى يدخل الجوف ويختلط بالدم. وما لم يكن كذلك فإن أثره مؤقت.
ومثل الجهاز المزود ببطارية والجهاز الذي ليس كذلك، الأول يمكن أن يشتغل في أي مكان أما الثاني فلا بد من مصدر كهرباء
عن ابن عباس _ما قال: قال رسول الله ' :"إن الذي ليس في جوفه شئ من القرآن كالبيت الخرب "(١١١)
وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى :" أنا جنتي وبستاني في صدري أنى رحت فهي معي" وهو يريد بذلك القرآن والسنة التي في صدره تثبته وتزيده يقينا.
قال سهل بن عبدالله : لأحد طلابه : أتحفظ القرآن ؟ قال : لا ؟ قال : واغوثاه لمؤمن لا يحفظ القرآن ! فبم يترنم؟ فبم يتنعم ؟ فبم يناجي ربه ؟
يقول أبو عبد الله بن بشر القطان : ما رأيت رجلا أحسن انتزاعا لما أراد من آي القرآن من أبي سهل بن زياد وكان جارنا وكان يديم صلاة الليل وتلاوة القرآن فلكثرة درسه صار القرآن كأنه بين عينينه ينتزع منه ما شاء من غير تعب "(١١٢)


الصفحة التالية
Icon